د. أنور دفع الله: كنت أول طالب سوداني يحوز على درجة الدكتوراة في علوم الحاسوب من كوريا الجنوبية

حقيقية… عندنا مشكلة كسودانيين في خواتيم الأشياء “Finishing”…وإنما الأعمال بخواتيمها…
متأملا في عدد من المبادرات التطوعية والخيرية التي عملت فيها… أعتقد أن التجربة Experience كانت رائعة حقا…وبعضا من الذكرى Memory …إلا أن النهايات لم تكن سعيدة حقا!

لن أضرب مثل بالأعمال الحديثة نسبيا مثل “نفير” ولا الأعمال القديمة نسبيا مثل جمعية المطورين السودانيين (سودادف)…بل سأضرب مثل من المنتصف بعملي لسنوات في رابطة الجالية السودانية في كوريا… عملت فيها لمدة 5 سنوات… 2004 – 2008… مُنتخب من قبل أفراد الجالية السودانية في كوريا ل 5 دورات متتالية أكثرها بالتزكية فقط! وما أجمل الإنتخابات!!

بداية من عملي كسكرتير للأنشطة الى عملي كنائب لرئيس رابطة الجالية السودانية في كوريا لعدد من السنوات… تغيّر المكتب التنفيذي بالكامل وظللت أربط الأجيال المختلفة مع بعضها البعض… عملت مع أخوة رائعين وتعلمت منهم الكثير…

فهمت خلال تلك الفترة الكثير عن تداخل السياسة مع المجتمع وتعقيد العلاقات في مجتمعنا السوداني…. من الصعب رسم خط فاصل ما بين اللونين…هناك دائما منطقة رمادية في المنتصف، لا يستطيع أجدع زول عدم الضلوع فيها… فالمجتمع السوداني معقد جدا… مصاهرة وزمالة دراسة…وتقاطعات قبلية و الخ…
درجة التعارف لا تتعدى درجتين فقط…فاما أنك تعرف الزول …أو أنك تعرف زول بيعرف الزول…هذا هو!

ربما لاحظ أحد ما أن نهاية فترة عملي في رابطة الجالية السودانية تزامن مع بداية مبادرة فردية كنت قد قمت بها بكل شجاعة حينئذ…إنتاج فيديوهات ناقدة لنظام الحكم في السودان! فيديوهات أنور كنج في اليوتيوب كما يحلو للبعض إختزال المبادرة!

وبالطبع تم تطبيق نظام عزل وضغط على شخصي في كوريا من قبل السفير وطاقم السفارة حينئذ الى أن فارقت المكتب التنفيذي للجالية وأنا أبكي وأردد:
بلادي وإن جارت عليّ عزيزة *** وقومي وإن ضنوا عليّ كرام

حتى أنني فضّلت أن لا أحرج أحدا بما كان يتوقعه كثيرون وهو حفل وداع عقب تخرجي من الدكتوراة، كأول طالب سوداني يحوز على درجة الدكتوراة في علوم الحاسوب من كوريا الجنوبية…وعودتي الى أرض الوطن.

فارقت الأخوة والأخوات هناك على عُجالة… ولم أترك فرصة للوداع بصورة تليق بفترة أمتدت ل 7 سنوات في كوريا الجنوبية…درست فيها وعملت وتاجرت و بحثت وأنجبت طفلين و تعلمت كما أحب وأشتهي… رفعت رأس وطني كلما سنحت لي فرصة…مثّلت ودافعت وأستقبلت وودعت!

خلال فترة عملي في رابطة الجالية السودانية…قمنا باستقبال دبلوماسيين كُثر وأسرهم…وودعنا دبلوماسيين كُثر وأسرهم… لم يودعني أحد وأسرتي حينئذ…ربما لمواقفي من الحكومة…ربما لإنشغال الناس حينئذ… ربما وربما وربما…المهم أنها لم
لم تكن نهاية جيدة… من السبب، ليس مهما…المهم هو أن ال Finishing لم يكن بصورة جيدة…

حباني الله بنعمة النسيان وعوضني دائما طريق الى التفاؤل والأمل وفرص مستمرة للتعلّم ومشاركة ما أتعلمه بكل إنفتاح.
الحمد لله على هذه النعم… وأتعلم جاهدا كيف يمكن أن تكون النهايات جيدة عبر تقليل التوقعات…أن يكون كلا من التجربة والذكرى جميلين…

الحمد لله على كل حال ….

د. أنور دفع الله

Exit mobile version