ﺮﺃيت منذ أيام مقالاً ﻋﻠﻤﻴﺎً ﻋﻦ ﺍﻟﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻟﻤﺠﺮﻭحة.. ﻭﻫﻞ ﺗﺆﺛﺮ ﻓﻲ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻭﻓﻲ ﺗﺼﺮﻓﺎﺗﻪ وسلوكة وشخصيته ﺃﻡ ﻻ؟!
وتأسفت على حالنا وتجريحنا اليومي لبعضنا البعض..
ﻳﻘﻮﻝ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﺤﺚ:
ﺇﻥ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﺠﺎﺭﺣﺔ ﺳﻤﻴﺖ ﺟﺎﺭﺣﺔ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺴﺒﺐ ﺟﺮﻭﺣﺎً ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ، ﻭﺗﻤوﺖ ﻋﺪﺓ ﺧﻼﻳﺎ ﺃﻭ ﺗﺘﻠﻒ ﻋﻤﻠﻬﺎ، ﻣﺴﺒﺒﺔ ﻧﻮﻋﺎً ﻣﻦ ﺍﻟﻌﻄﺐ ﻓﻲ ﺍﻟﺘﻔﻜﻴﺮ.
ﻭﻟﻬﺬﺍ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﺠﺮﻭﺡ ﺁﻻﻣﺎً ﻧﻔﺴﻴﺔ ﻭﺷﻌﻮﺭﺍً ﺳﻠﺒﻴﺎً ﻭﺇﺣﺒﺎﻃﺎً ﻓﻲ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﻟﻴﺲ ﻫﺬﺍ ﻓﻘﻂ ﺑﻞ ﻛﺜﻴﺮﺍً ﻣﺎ ﻳﺘﺤﻮﻝ ﺍﻟﺸﺨﺺ ﺍﻟﻤﺠﺮﻭﺡ ﺇﻟﻰ ﺷﺨﺺ ﻓﺎﺷﻞ ﻭﻏﻴﺮ ﻣﻨﺘﺞ .
ﻭﺃﻧﺎ ﺃﻗﻮﻝ أن ﺍﻟﺠﺎﺭﺣيﻥ ﻛﺜُﺮ ﻭﻣﻨﻬﻢ ﺍﻷﺑﻮاﻦ.. ﻳﺠﺮﺣﻮﻥ ﻃﻔﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﻟﺤﻈﺔ ﻏﻀﺐ ﻭﻳﻬﻴﻨﻮﻧﻪ، ﻭﻳﺴﻤﻌﻮﻧﻪ ﻭﺍﺑﻞ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺘﺎئﻢ ﻭﺍﻟﺴﺒﺎﺏ، على اعتبارها أسلوب تربية وتقويم.. ﺛﻢ ﻳﺘﺴاﺀﻟﻮﻥ: ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻃﻔﻠﻨﺎ ﻏﺒﻲ، ﻭﺃﻗﻞ ﺗﻔﻮﻗﺎً ﻣﻦ ﺃﺑﻨﺎء ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ ومنطو؟!
ﻳﺠﺮﺡ ﺍﻟﺰﻭﺝ ﺍﻟﻐﺎﺿﺐ ﺃﻭ (الزهجان) ﺯﻭﺟﺘﻪ، ﺛﻢ ﻳﺘساءﻝ ﺑﻜﻞ ﺑﺮﻭﺩ: ﻟﻢ ﺯﻭﺟﺘﻲ ﺷﺎﺣﺒﺔ ﻭﺑﻠﻴﺪﺓ، ﻭﻻ ﺗﺒﺘﺴﻢ ﻭﻻ ﺗﺘﻔﺎﻋﻞ ﺑﺨﻔﺔ ﻛﻤﺎ ﺗﻔﻌﻞ ﺍﻟﺰﻭﺟﺎﺕ ولاتكترث لأمري؟!
ﺗﺠﺮﺡ ﺍﻷﺧﺖ ﺃﺧﺘﻬﺎ ﺃﻭ ﺍﻷﺥ ﺃﺧﺘﻪ ﻭﻳﺴﺒﺒﻮﻥ ﻟﺒﻌﻀﻬﻢ ﺁﻻﻣﺎً ﻧﻔﺴﻴﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ ﻭﺧﻴﺒﺔ ﺃﻣﻞ، ﻣﻔﻮﺗﻴﻦ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻟﺬﺓ ﺣﻨﺎﻥ ﺍﻷﺧﻮﺓ وتواصلها النبيل!!.
ثم ﻳﻘﻮﻝ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﺒﺤﺚ:
ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ ﺍﻟﻤﻌﺴﻮﻟﺔ، ﺳﻤّﻴﺖ ﻛﺬﻟﻚ ﻷﻧﻬﺎ ﺗﺨﻠﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻣﺎﻍ ﺫﺍﺕ ﺍﻷﺛﺮ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﺨﻠﻔﻪ ﺗﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﺃﻭ ﺍﻟﻌﺴﻞ.
وكل ﻫﺬﻩ ﺣﻘﺎﺋﻖ ﻋﻠﻤﻴﺔ ﻭﻣﺜﺒﺘﺔ.. ﻓﺘﺬﻛﺮﻭﺍ ﻗﻮﻝ ﺭﺑﻨﺎ ﻋﺰﻭﺟﻞ:
(ﻭﻗﻮﻟﻮﺍ ﻟﻠﻨﺎﺱ ﺣﺴﻨﺎً).
ﻛﻦ ﺟﻤﻴﻼً ﻭاﻧﻄﻖ ﺟﻤﻴﻼً ﺃﻭ ﺗﺠﻤّﻞ ﺑﺎﻟﺴﻜﻮﺕ..
ﻭﺭﻓﻘﺎً ﺑﻤﺸﺎﻋﺮ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ..
ﺇﻥ ﻣﻠﻌﻘﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻜﺮ ﺗﻐﻴﺮ ﺑﻬﺎ ﻣﺬﺍﻕ ﺍﻟﺸﺎﻱ..
ﻭﻛﻠﻤﺔ ﻃﻴﺒﺔ ﺗﻐﻴﺮ ﺑﻬﺎ ﻧﻈﺮﺓ ﺍﻵﺧﺮﻳﻦ..
ﻭﺇﺫﺍ كاﻥ ﺍﻟﺠﻤﺎﻝ ﻳﺠﺬﺏ ﺍﻟﻌﻴﻮﻥ فاﻷﺧﻼﻕ ﺗﻤﻠﻚ ﺍﻟﻘﻠﻮﺏ..
ﺣﻴﻨﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻭﺻﻒ ﻧﺒﻴﻪ (صلى الله عليه وآله وسلم) ﻟﻢ ﻳﺼﻒ ﻧﺴﺒﻪ ﺃﻭ ﺣﺴﺒﻪ ﺃﻭ ﻣﺎﻟﻪ ﺃﻭ ﺷﻜﻠﻪ ﻟﻜﻦ ﻗﺎﻝ ﺗﻌﺎﻟﻰ:
(ﻭﺇﻧﻚ ﻟﻌﻠﻰ ﺧﻠﻖ ﻋﻈﻴم).. وكلنا نعلم أن الدين المعاملة.. وأن (لو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).. والكلمة الطيبة في عرفنا جواز سفر.. وبخور الباطن.. والابتسامة صدقة!!
فلماذا بعد كل هذا نمارس العنف المعنوي لأسباب لا تستحق؟!
إنني لا أفترض أن نعلق الابتسامات على وجوهنا دائماً.. ولا أن نلعب دور الطيبة حتى يظنها الناس سذاجة.. فالحقيقة أن الظروف المحيطة تلقى ﻻظلالها على أسلوبنا وردود أفعالنا.. وبعض الناس والمواقف لايستحقون الابتسام أو التهاون أو المسكنة والتسامح.. ولكن بالمقابل هناك من يستحقون تنازلاتنا وتضحياتنا.
وأولهم نحن.. إذ يجب أن نواسي أنفسنا ونحبها ونهذبها ونشحنها بالتفاؤل والصفاء لنستطيع أن نحب المقربين في دوائرنا الاجتماعية المختلفة.. فتشيع المودة.. ونرحم أنفسنا من عناء الخصومات والأحقاد والحنق والمشاحنات.. ودمتم بلا جراح.
تلويح:
هي جراح غائرة.. ولكنها لاتنزف!!