بعد مرور نحو عامين إلا ربعا من عمر المبادرة الرئاسية.. يلتئم اليوم شمل مؤتمر الحوار الوطني.. وأيا كانت التصنيفات والتسميات وشكل الحضور فسنتعامل مع الاسم الرسمي الذي اختاره المنظمون للمؤتمر.. كما سنحترم كل الكيانات والشخوص التي اختارها الداعون للمؤتمر.. وسنعتبر كل من بداخل هذه القاعة مواطنا صالحا.. قلبه على السودان.. حتى يثبت العكس.. فمجرد تلبية دعوة للمشاركة في حوار سياسي.. ليس خيانة للوطن.. وسنعتبر كل سياسي داخل هذه القاعة هو صاحب قضية.. اسمها السودان.. وسنفترض حسن النية وحسن الظن في المتحاورين.. وسنفترض أنهم ما اجتمعوا إلا لمصلحة السودان.. ورسم خارطة طريق آمن يقي السودان وأهله شر التشظي والتشتت والتفتيت..!
كما سننظر بعين التقدير لإخوة لهم يقفون خارج القاعة.. منهم من يقف على بعد أمتار منها.. ومنها من يقف على بعد أميال.. تختلف الدوافع وتتباين الرؤى.. ولكننا سنفترض أن الاختلاف بين من يجلسون في الداخل.. وبين من يقفون في الخارج.. هو اختلاف مقدار.. وسنفترض أن الخلاف بين هؤلاء وهؤلاء.. هو خلاف موضوعي.. حول السؤال.. أينا المصيب وأينا المخطئ..؟ وليس نزاع تخوين.. وإدانة مسبقة.. ولن نفترض أن جواز المرور لهذا هو إقصاء ذاك ومسحه من على سطح الأرض.. بل سنفترض أن أرض السودان تسع هؤلاء وهؤلاء.. وأن قضايا السودان تحتاج لهؤلاء وهؤلاء.. وسنفترض أنه لا طرف يملك ناصية الحقيقة وفصل الخطاب.. ولا هذا الطرف بريء براءة الذئب من دم ابن يعقوب.. ولا ذاك الطرف في عيرهم سارقون.. سنفترض أن كل طرف يرى الحقيقة من حيث ينظر.. ومن حيث يقف!
ثم نقول للذين بالخارج لا تتعجلوا إطلاق الأحكام.. فلا زلنا نذكر جوهر الخلاف حول المشاركة من عدمها.. فقد كان جلكم يرى أن مطلوبات تهيئة المناخ للحوار ينبغي أن تتوفر.. وأن توضع موضع التنفيذ.. كشرط من شروط وجوب صحة المشاركة في الحوار.. فيما كان جل من بالداخل يرى أن هذه نفسها من القضايا التي ينبغي الحوار حولها.. ويجب أن تكون على طاولة الحوار.. وحيث أن الأمر قد أصبح واقعا.. فلن يضيركم أن تنتظروا قليلا لتروا موقع مطالبكم تلك من إعراب الحوار.. وأن تتبينوا ما إذا كانت قد وجدت مكانها بالفعل على طاولة الحوار.. أم لا.. وحينها يكون لكل حادث حديث.. ثم إننا نذكر الذين من هم بداخل القاعة بوعود قطعوها على أنفسهم.. بأن مؤتمر الحوار وحده هو الساحة المؤهلة لمناقشة القضايا كافة.. وعلى رأسها مطلوبات تهيئة المناخ.. فهل ما زلتم عند عهدكم..؟ علما بأنه في هذه الحالة ستُعدّل تسميتها من مطلوبات تهيئة المناخ للحوار.. إلى مطلوبات تهيئة المناخ للتداول السلمي للسلطة.. وإن خرج المؤتمر بتقنين الحقوق الدستورية للمواطن وكفالة حقه في العيش الكريم وفي العمل وفي الإقامة وفي التنقل وفي التعبير وفي التفكير وفي التظاهر وفي التجمع.. وكفالة حق الأحزاب في حرية الممارسة السياسية.. فحينها.. وحينها فقط.. ينقطع لسان المشككين والمتوجسين والمقاطعين.. وينجح المؤتمر.. وهذه هي وحدها المفاجأة التي ينتظرها الناس من المؤتمر.. ولا شيء غير ذلك.. فهل من مفاجأة..؟؟!!