جلست (قوون) التي لا تعرف التثاؤب على مدى ساعتين كاملتين مع سعادة السفير السوداني لدى جمهورية الجزائر الأستاذ عصام متولي بمكتبه الفخم بالسفارة السودانية بحي حيدرة أحد أفخم أحياء العاصمة الجزائرية.. إستقبلنا الرجل بكل
أريحية تدل على طيب معدنه ..ببشر وترحاب هو من طبعه إذ الطبع يغلب التطبع ,فاتحاً لنا أبواب قلبه قبل أن أبواب مكتبه.
تجاذبنا مع الرجل أطراف الحديث فهو دبلوماسي بكل ما تحمل الكلمة من معان ,موسوعي المعرفة ومدرك لأصول وفنون العمل الدبلوماسي فلذلك لا غرو أن يجد القبول والإحترام من زملائه بالسلك الدبلوماسي في الجزائر من مختلف الدول ،فهو يمتلك خبرات تراكمية ثرة في التعامل مع الشعوب حيث عمل في العديد من الدول قبل أن يحل به المقام في أرض المليون ونصف شهيد ..وجدنا الرجل مهموماً بتعزيز العلاقات والتبادل التجاري والصناعي والثقافي وفي مختلف المجالات بين الشعبين الشقيقين السوداني والجزائري وهو فوق هذا وذاك رياضي وهلالي كامل الدسم يحدثك عن الرياضة وعن الهلال وعن تجاربه فتتمنى ألا يتوقف عن الحديث ,أفرد لنا مساحةً مقدرة من برنامجه المزدحم هذه الأيام تقديراً للرياضة والرياضيين,كما تحدث عن لقاء الغد الذي يجمع الهلال بمنافسه على خطف بطاقة التأهل للدور النهائي فريق إتحاد العاصمة الجزائري قمعاً إلى إفاداته:
سعادة السفير كيف تنظر لتواجد الهلال بالجزائر؟
نحن في السفارة السودانية وعلى المستوى الرسمي سعداء بزيارة فريق الكرة للجزائر ,وأنا وعلى المستوى الشخصي وبحكم هلاليتي أكثر سعادةً بتواجد الهلال وكذلك أنا سعيد جداً والفريق يصل لهذه المرحلة المتقدمة من كبرى المنافسات التي ينظمها الإتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) ألا وهي بطولة الأندية الأفريقية أبطال الدوري والتي إنطلقت بأربعة وستين فريقاً من جميع أنحاء القارة الأفريقية تساقطت ستون منها في الطريق وبقي أربعة فقط ونحن أكثر سعادةً بأن يكون بين هذه الأندية الأربعة ناديان من السودان هما الهلال والمريخ ونسأل الله أن يصلا معاً للدور النهائي حتى لا يخرج الكأس من بين أيدينا.والمعروف أن كرة القدم صارت دبلوماسية شعبية ويعتبر الإتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا) من أكبر المنظمات في العالم وعضويته تفوق عضوية الأمم المتحدة وهذا تأكيد على أهمية كرة القدم والرياضة صارت لا تنفصل عن السياسة والإقتصاد.
هل تتوقع أن تؤدي حساسية مباراة الغد التي تجمع الهلال بإتحاد العاصمة الجزائري إلى توتر العلاقات بين الشعبين الشقيقين؟
لا أعتقد ذلك فالشعب الجزائري يكن وداً كبيراً للشعب السوداني والهلال يجد ترحيباً حار منذ أن وصلت بعثته أرض الجزائر ,كما أن الوعي الكبير للشعبين الشقيقين السوداني والجزائري لن يتيح لنتيجة مباراة في كرة القدم أن تؤثر في ما يجمعهما من علاقات طيبة وأواصر قربى ودم ,فهنالك العديد من السودانيين الذين تزوجوا من جزائريات ويعيشون معهن لأكثر من أربعة عقود وهذه المصاهرة أسهمت في توطيد العلاقات ,والشعب الجزائري يحب ويحترم كثيراً فخامة المشير عمر حسن أحمد البشير رئيس الجمهورية وذلك لأنه أمر بدخول المشجعين الجزائريين للسودان دون الحصول على تأشيرة دخول ومعاملتهم مثل المواطنين السودانيين أواخر العام 2009م لتشجيع منتخب بلادهم في مباراته الفاصلة والمؤهلة لنهائيات كأس العالم والتي جمعتهم بالمنتخب المصري حيث دخل أكثر من عشرة آلاف مشجع جزائري بأكثر من 45 طائرة عسكرية الأراضي السودانية وقاموا بتشجيع ومؤازرة منتخب بلادهم حتى نجح في التأهل لنهائيات كأس العالم 2010م بجنوب أفريقيا.
الجيش السوداني أسهم في تحرير الجزائر
ذلك إضافةً لمساهمة الجندية السودانية في معارك التحرير التي خاضها الشعب الجزائري من أجل الحصول على إستقلاله من الإستعمار الفرنسي ومشاركة الجيش السوداني في معارك التحرير الجزائرية موثقة في المتحف الجزائري ولكل هذه الأسباب مجتمعة يجد السودانيون إحتراماً كبيراً في الجزائر.
الجزائر تترقب زيارة فخامة المشير عمر البشير
وأود أن أكشف لكم عبر (قوون) أن الجزائر حكومةً وشعباً تترقب خلال شهر أكتوبر الجاري الزيارة التاريخية التي سيقوم بها فخامة المشير عمر حسن أحمد البشير للجزائر وأتوقع أن تسهم هذه الزيارة في تعزيز العلاقات بين البلدين وفي جميع المجالات.
بمناسبة تعزيز العلاقات كيف تنظر للعلاقات الثنائية بين البلدين؟
منذ تسلمي لمهام وظيفتي كسفير للسودان لدى الجزائر قبل نحو عام وجدت أن هنالك الكثير من الإتفاقيات التي تم توقيعها بين البلدين الشقيقين ولكنها لم تر النور فقمت بالعمل على تفعيلها وقد بدأ التعاون بين البلدين بالفعل في جميع المجالات وهنالك المزيد من التعاون في الأشهر القليلة القادمة في مجالات التعليم والصناعة والإعلام والرياضة والإقتصاد وكافة المجالات التي تهم مواطني البلدين الشقيقين.
هل تعتقد أن إستضافة السودان للمباراة الفاصلة التي جمعت المنتخبين الجزائري والمصري كانت بمثابة نقطة التحول في علاقة الشعبين ؟
كما أسلفت فإن تلك المباراة قد أسهمت في تعريف الشعب الجزائري بشقيقه السوداني فزيارة أكثر من عشرة آلاف مواطن جزائري في وقت واحد قد أسهمت في تعريف الشعب الجزائري بأصالة معدن إنسان السودان المتفرد حيث كانوا يسمعون عن قيم الشعب السوداني وأخلاقه العالية وإرثه الحضاري التليد ولكنهم لم يعايشوا تلكم القيم على الطبيعة وبعد أن أتاحت لهم تلك المباراة فرصة السفر إلى السودان تغيرت بعض مفاهيمهم وتعززت أخرى وغني عن القول ليس من رأى كمن سمع فهذا الجمهور الذي يقدر عدده بأكثر من عشرة آلاف مشجع يعتبروا بمثابة السفراء الذين أسهموا في تعزيز العلاقات بين الشعبين الشقيقين ونحن من جانبنا كدبلوماسية رسمية سوف نظل نبذل قصارى جهدنا حتى تستمر العلاقات الطيبة بين البلدين.
ماهي توقعاتك لمباراة الغد التي تجمع الهلال بإتحاد العاصمة الجزائري؟
أتوقع فوز الهلال بعد أن يقدم ملحمة تأريخية تظل عالقةً في أذهان محبي كرة القدم لأن الهلال يمتلك مجموعة طيبة من اللاعبين أصحاب المهارات العالية والخبرات التراكمية الكبيرة التي إكتسبوها من تواجدهم المتواصل في البطولات التي ينظمها الإتحاد الأفريقي لكرة القدم (الكاف) .وقياساً على أداء الفريق في الجولة الأولى بأم درمان أقول ومن واقع متابعتي للمباراة أن النتيجة التي آلت إليها لا تعبر عن مجرياتها إطلاقاً وكان يمكن للهلال حسم تأهله للدور النهائي من ملعبه لولا سوء الطالع وتحامل الحكم الزامبي الذي أدار اللقاء فقد صرف ركلتي جزاء أرتكبتا مع كيبي وأندرزينهو ونقض هدفاً صحيحاً أحرزه نزار حامد.ذلك إضافة للعوامل الطبيعية من سوء للأحوال الجوية في يوم تلك المباراة وكل هذه العوامل مجتمعة أدت لخسارة الهلال ولكنه غداً سيكون في الموعد وسوف يحقق النتيجة التي يحلم بها الشعب السوداني بأجمعه والهلال يعشق المواعيد الكبيرة وسوف لن يخذل لاعبوه قاعدتهم الجماهيرية.
كلمة أخيرة
أولاً أشيد بالإنضباط الكبير لبعثة الهلال فقد أخبرني العاملون بفندق أوسيس(الواحة) عن درجة الإنضباط الكبيرة التي يتحلى بها لاعبو الهلال وأجهزتهم الإدارية والفنية وتركيزهم فقط على المهمة التي أتوا من أجلها ,وأنا كنت أود الإحتفاء بهم وقدمت لهم الدعوة لمأدبة عشاء في المطعم الهندي إلا أنهم إعتذروا للمزيد من التركيز فقبلت إعتذارهم وأكبرت فيهم درجة تركيزهم العالية في مهمتهم ونسأل الله لهم التوفيق ولكل مجتهد نصيب.
وأقول لجماهير الهلال ترقبوا النتيجة التي تحلمون بها فلاعبوكم أبطال وهم أهل للمسؤولية الملقاة على عواتقهم وأنا متأكد من أنهم سيؤدون المباراة بكل عزيمة وأصرار. وأخيراً نسأل الله للاعبي الهلال وجهازهم الفني في مباراة الغد الحاسمة وما النصر إلا من عند الله.
قوون