بالرغم من عدم انتشار كتابة الشعر العربي بغرض مديح الحكام في الألفية الجديدة، وقد نعتبر الشاعر الذي يقوم بذلك شاعر مُتملق ونوصم الشاعر الذي يكتب مدحًا في الحاكم بالنفاق السياسي للأبد، إلا أن أجدادنا العرب اعتادوا أن يكتبوا في غرض المديح بدون تحرُج، ومنهم «النابغة الذبياني» شاعر المعلقات في العصر الجاهلي الذي قال في «النعمان بن المنذر»: وإنك شمس والملوك كواكب.. إذا طلعت لم يبدُ منهن كوكب، غير أنه لم يكُن وحده من بين شعراء العرب من مدح الحاكم.
الشاعر السوري «أبو تمام» كان له أيضًا تجربة مشهورة في التراث العربي مع مديح الحاكم، وكان له حكاية من نوادر التراث عن بيت كتبه في مديح الخليفة العباسي «المُعتصم» عُرف في كُتب التراث ببيت «إقدام عمرو»، وتستعرض المصري لايت قصته في التقرير التالي.
تبدأ القصة عندما أرسل الخليفة العباسي إلى الشاعر غير المشهور تمامًا وقتها حتى يأتي إلى بلاط الحُكم في بغداد، عاصمة الدولة الإسلامية وقتها، «أبي تمام»، وقربه منه، وجعله مفضلاً على الشعراء المخضرمين في البلاط بعدما كان يعمل في السقاية بمصر، الأمر الذي أغضب ندماء الخليفة الذين اعتادوا أن تكون لهُم مكانة في بلاط المعتصم، وقد نازعهم «أبو تمام» هذه المكانة والمنح والهدايا الملكية.
ويحكى أن أبا تمام ألقى على مسامع الخليفة قصيدة في مدحه، كان من ضمنها بيت جمع فيه أعظم الصفات التي لابُد أن تتوافر في حاكم، وهي الشجاعة والكرم والحلم والذكاء، ووصفه أنه يتحلى بها، وبدرجة مماثلة للعرب الذين ضُرب بهم المثل في هذه الصفات.
المصري اليوم