علي تخوم الثانية صباحا وقد مضت الليلة الماضية كنت في احد الاسواق المحاذية لزقاق ضيق محاذي لبانت من جهة الجنوب ؛ بانت غرب ؛ توقفت وقد بدأ الباعة والبائعات في لم شعث كسب يومهم ومتبقي اغراضهم والايادي السمراء تراجع الحسابات ؛ توقفت اذ نسيت (الدكوة) التي عندي دونها لا يكتمل جواز اتيان الشطة !
اضطررت للجلوس فوق تل اكوام من الجوالات الفارغة اذ كان يسبقني لذات غرض الشراء رجلين احدهم يراجع زوجته في الكمية المطلوبة فيما كان الاخر يرغب في (خم) كل المعروض لتزجره البائعة بان (خلي لاخوانك شوية ) ؛
اثناء ذلك كنت اتأمل البائعة واظنها ستينية سمراء بملامح امي ويقين خالتي وصبر عمتي ؛ تدير من فوق طاولة تراص عليها الثوم والشطة وبعض القرفة والجنزبيل لا تتوقف كثيرا في المفاصلة احتفظت بوقار صامت مع ابتسامات ودعوات المباركة تنثرها مثل رازاز امطار البركة علي التجار حولها ممن يتأهبون للمغادرة ؛
بعض رفيقاتها كن قد انتهن من حزم اغراضهن واقبلن نحوها ؛ فقامت عليهن تحتضن الاولي وتتعانق العجوزين وكانما غلالة من الود فوقهما يبدان في طلب العفو ومباركة العيد وفيض من التمنيات بصعود عرفة ؛ اسمع هذا المني كثيرا في العيد لكنه في ذاك الزقاق كان حارا صادقا مندفعا مثل الدمع الذي انثال من السيدتين ثم انقلب الامر لبكاء اصابنا نحن الواقفون بالارتباك فتراجعنا قليلا لا ادري لماذا !
بعد ذاك المنظر اتن اخريات كان الامر بذات الوجد ولم نتضجر حتي اقبلت السيدة علينا تمسح وجهها بخرقة سوداء هي شهيد صبرها وهي تعتذر علي الارجاء وربما كانت تطلب عفوا فنحن امة شحيحة في ابداء المشاعر ؛ ثم بعدها انجزت ما وعدتنا من دكوة وما شابه وودعناها نحن كذلك بالاحضان
وشهد الله احسست بها تشدني الي دواخلها وتضمني وكاني ابن لها ارجعته اقدار من غيابت جب السنين .. حياك الله ايتها الماجدة فهكذا يكن الماجدات المناضلات .. عيد مبارك حيثما كنت وكتب الله لك وقوفا بعرفة.
محمد حامد جمعة