> إذا نظرنا إلى موافقة يوغندا وجنوب السودان على طرد الحركات المتمردة السودانية من الثانية حسب حديث نائب الرئيس «شيخ حسبو» أو «حسبُه» يعني «حسب الله»، فإن هؤلاء المتمردين لن يغادروا جنوب السودان إلى دول جواره براً أو إلى دول بعيدة جواً.
> منطقة «كاودا» هي على ما يبدو لكل مراقب ومتابع للأزمة الأمنية السودانية في محيط حدود عام 1956م تبقى هي الملجأ الآمن الذي تعده منذ سنين القوى الأجنبية للمتمردين من خلال إقامة المنظمات الأجنبية التي تعمل تحت حيلة العمل الإنساني بين تلك الجبال.
> وإذا كان نائب الرئيس أمس الأول يحدث الناس في مناسبة الاحتفال بمشروع «كادقلي عاصمة للتراث السوداني» من كادقلي ذاتها عاصمة جنوب كردفان، فإن ملجأ المتمردين بعد أن تطردهم يوغندا وجوبا سيلجأون إذن إلى منطقة في جنوب كردفان.
> أي كأنما كان يقول نائب الرئيس للجمهور إن الحركات المتمردة ستعود إلى هذه الولاية بعد طردها وتعسكر في منطقتها «الخضراء».
> والسؤال هنا: هل يمكن أن يكون طردها إذا صح بالفعل ضغطاً عليها؟!. وهل ستكون نهاية هذا التمرد في «كاودا» كما كانت نهاية ذاك التمرد بقيادة جون قرنق في «توريت» التي انطلق منها أصلاً في الثامن عشر من أغسطس عام 1955م بقيادة كانت إستوائية؟!
> لكن توريت لم تكن فيها عام 2002م منظمات أجنبية تمنع تحريرها بواسطة الجيش السوداني حسب اللوائح الدولية.. بخلاف كاودا. إذن طرد حركات التمرد من يوغندا وجنوب السودان كمجاملة دبلوماسية للخرطوم سيأتي بعد تجهيز الملجأ الآمن للمتمردين أصدقاء كمبالا وجوبا إلى أن ينتهي حكم نظام موسفيني هناك وحكم الحركة الشعبية المتناحرة هنا. ويوغندا وجنوب السودان إذا لم يوجها الحركات المتمردة السودانية.. «حركات دارفور والحركة الشعبية قطاع الشمال»، أي الجبهة الثورية، بالتحرك نحو كاودا حيث الملجأ الآمن لها بوجود المنظمات الأجنبية، ستكون صيداً لبعض المجموعات الجنوبية المسلحة حتى بعد المصالحة بين سلفا كير ومشار.
> وجنوب السودان لوقت طويل سيكون بلا جيش منظم محترف وبلا شرطة قوية تراقب الأحوال الجنائية.. وقد جاء في الأخبار مؤخراً أن أطراف النزاع هناك قد فشلت في الأهم بالنسبة للأمن والاستقرار.
> فشلت في التوصل لاتفاق على الترتيبات الأمنية الانتقالية لأكبر المدن مثل جوبا وملكال وبانتيو وبور، واختلفوا على تكوين الشرطة المشتركة. وهذا يعني طبعاً أن استمرار وجود الحركات المتمردة السودانية هناك يعرضها للمخاطر ويكتب نهايتها قبل أن تجلس مع حكومة الخرطوم.
> لذلك، فإن حكاية طرد الحركات المتمردة من يوغندا وجنوب السودان يبقى عملاً سياسياً يحسبه أهله بأنه ذكي يحمي القوة المسلحة التي تحارب الخرطوم من المسلحين الجنوبيين، وفي نفس الوقت تبقى خداعاً دبلوماسياً يمكن أن ينطلي على الخرطوم.
> وما يمكن أن يقوي هذا التحليل هو أن كمبالا وجوبا لا يمكن أن تصبحا صديقتين وعدوتين لهؤلاء المتمردين. وحتى عقار والحلو وعبد الواحد يفهمون جيداً تكتيكات أصدقائهم مثل جوبا وكمبالا وواشنطن. أما أبناء العمومة جبريل ومناوي فهما يعشمان في عائدات الغاز الطبيعي الليبي.
> وجبريل ومناوي قد اتجها إلى حفتر في ليبيا قبل مسرحية طرد الحركات من جنوب السودان، وإذا أرادا العودة سيلتقيان بإخوتهم في التمرد مجدداً في كاودا المحمية بوجود المنظمات الأجنبية حتى لا يسهل تحريرها بالقوات الحكومية.
> والقوات الحكومية طبعاً قوات منضبطة لا يمكن أن تهش «ديك العدة» حتى لا يكسر الأواني الزجاجية. وكاودا طبعاً مليئة بالأواني الزجاجية.
> وإذا كانت يوغندا بالفعل جادة في طرد الحركات المتمردة ومعها جوبا، فعليهما أولاً أن يضغطا في اتجاه إخلاء كل جنوب كردفان من المنظمات الأجنبية. فما عاد وجودها الآن ضرورياً. فهي فقط توجد الآن لتوفير الغطاء لديك العدة حينما يأتي مطروداً من «الجيران».
> و«غداً حبيبي حتماً يعود» غداً يصبح المسار من كاودا اتجاهين يُساق به الأطفال إلى المعسكرات داخل الجنوب لتجنيدهم، وتنقل عبره المؤن للمتمردين والمنظمات الأجنبية.
> إذن جذور المشكلة هي المنظمات الأجنبية المتآمرة في كاودا. عالجوا الأوضاع التآمرية في كاودا بالحسنى يا واشنطن وكمبالا وجوبا قبل أن يأتيها العلاج من المجاهدين الدوليين.
غداً نلتقي بإذن الله.