ضعف فيضان النيل الأزرق هذا العام، والموسم في نهاياته الآن وقد تجاوزنا منتصف (سبتمبر)، لابد أن يثير الكثير من علامات الاستفهام لدى جهات الاختصاص المسؤولة عن المياه والكهرباء بل والأمن القومي للبلاد بصفة عامة .
وزير الري الأسبق المهندس “كمال علي” أشار إلى علاقة بناء سد (النهضة) الإثيوبي بعدم فيضان النيل هذا العام، كما هو المعتاد في المواسم السابقة .
ولا يعتقد الخبراء أن الأمر مرتبط بتأخر أو شح الأمطار في بعض مناطق السودان هذا العام، فالفيضان مرتبط بشكل أساسي بكميات الأمطار على الهضبة الإثيوبية، وهذه لم تتأثر وظلت بذات المعدلات طوال الأشهر الماضية .
إذن لابد من إعادة النظر ملياً في هذا الملف، ومراجعة التحفظات والاعتراضات المقدمة من قبل علمائنا وقدامى مهندسي الري وعلى رأسهم المهندس “كمال علي” قبل الأخذ بآراء خبراء “مصر”.
كما أنه لابد من البحث والتقصي حول أسباب انسحاب المكتب الاستشاري “الهولندي” (دلتا رس) مؤخراً، من مواصلة العمل مع المكتب “الفرنسي” في إعداد الدراسات الفنية حول سد النهضة أو الألفية، بتكليف من الدول الثلاث (السودان، مصر وإثيوبيا) .
كمواطن عادي، وليس خبيراً في مجال المياه، لاحظت وعلى مدى الأسابيع الماضية حالة الانسحاب وضحالة النيل في الخرطوم وشمال ولاية الجزيرة بصورة غير مسبوقة طيلة العشرين عاماً الماضية، على الأقل .
لا نريد أن تستغفل حكومتنا بواسطة “إثيوبيا” فيستغفل شعبنا، فقط لأننا نحب الإثيوبيين، فالمفروض أننا نحب السودان أولاً .. وثانياً .. وعاشراً .. وأخيراً .
موارد السودان الطبيعية وعلى رأسها نهر النيل الخالد بعمر الحياة، لا ينبغي التهاون فيها، ويبدو أن الحكومة الإثيوبية ماضية في مشروعها دون أدنى انتظار أو اهتمام بتحفظات السودان ومصر، وقد نفذت من قبل خلال السنوات الماضية عدة سدود صغيرة على بحيرة “تانا” وحتى دون علم السودان !!
وما يحدث في أراضي (الفشقة) واستباحة أكثر من (مليون فدان) فيها بإقرار حكومة ولاية القضارف، واتهام ما يسمى بعصابات (الشفتة الإثيوبية)، وما نظن أنها عصابات وحسب ولكن يبدو أن سلطاتنا (تكتم في مصارينها)، وهو فصل آخر من التعدي المسكوت عليه .
وكل ذلك يؤكد أننا نتهاون في حق الوطن ومقدراته وممتلكاته بحجة الحفاظ على العلاقات الأزلية بيننا و”إثيوبيا”.
على “إثيوبيا” أيضاً أن تبذل جهوداً موازية للحفاظ على هذه العلاقات.