اكتشف علماء الآثار والتاريخ، بقايا 16 هرماً علاوة على العديد من المقابر أسفل منها في جبّانة قديمة بالقرب من بلدة “جيما تون” بالقرب من منطقة الكاسورة شرق دنقلا بشمال السودان، وتعود الأهرامات المكتشفة إلى نحو 2000 سنة.
وأكد مدير الحفريات بالسودان أ. د. صلاح محمد أحمد، المنسق العام للمشروع القطري السوداني للآثار، لـ”شبكة الشروق” صحة الاكتشافات التي قال إنها تشير إلى حقبة مهمة وذات قيمة أثرية كبرى.
وتعني كلمة جيما تون “مدينة آتون” وتقع بالقرب من منطقة الكاسورة بمنطقة السليم شمال دنقلا.
وقال محمد أحمد، إن الأهرامات المكتشفة يرجّح أن تكون لحكام محليين من مملكة كوش أو لأفراد من علية القوم في ذلك التاريخ، منوهاً إلى أن فريق المتحف البريطاني للحفريات أعلن عن هذه الاكتشافات منذ أشهر.
مملكة كوش
”
أكبر الأهرامات التي تم العثور عليها في جيماتون كان يبلغ طوله من جميع جوانبه 10.6 أمتار وارتفاعه حوالي 13 متراً عن سطح الأرض
”
وكان بناء الأهرامات شائعاً في مملكة كوش، بين الكوشيين الذين كانوا يداومون على بناء الأهرامات حتى انهارت مملكتهم في القرن الرابع الميلادي.
وكان “ديريك ويلسبي”، الأمين في المتحف البريطاني في لندن، وفريقه ينقبون في بلدة جيماتون منذ العام 1998، واكتشفوا بناءً على التنقيبات التي كانوا يقومون بها الـ 16 هرماً، من بين العديد من الاكتشافات الأخرى.
وقال ويلسبي: “حتى الآن نقبنا عن 6 أهرامات مصنوعة من الحجر و 10 مصنوعة من الطوب اللبن، ويبدو أن الأفراد الأثرياء والأقوياء قاموا ببناء بعض هذه الأهرامات، في حين بنى بعضها الآخر أشخاص أكثر تواضعاً من الآخرين”.
وأكبر الأهرامات التي تم العثور عليها في جيماتون كان يبلغ طوله من جميع جوانبه 10.6 أمتار وارتفاعه حوالي 13 متراً عن سطح الأرض.
وقد وجد علماء الفريق أنه لم يكن لكل القبور في الجبانة أهرامات، فقد دفن البعض تحت هياكل مستطيلة بسيطة تسمى “المصطبة”، في حين كانت مقابر البعض الآخر تعلوها أكوام من الصخور، وبعض المقابر الأخرى ليس لديها علامات على دفن المتوفين على الإطلاق.
وفي أحد المقابر اكتشف العلماء مائدة قرابين من الصفيح البرونزي، منحوت بداخلها مشهد يظهر الأمير أو الكاهن يقدم البخور للإله “أوزوريس”، حاكم العالم السفلي، ومن ورائه الإلهة “إيزيس”، التي تظهر في المشهد وهي تصب سائلاً ما لـ”أوزوريس”.
وعلى الرغم من أن “إيزيس” و”أوزوريس” قد نشأا في مصر، إلا أنهما كانا مبجلين أيضاً في كوش، وكذلك في أجزاء أخرى من العالم القديم.
وقد سرقت معظم هذه المقابر، إلى حد ما، في العصور القديمة أو الحديثة، وكان القبر الوحيد مع الهرم الذي نجا وُجد به 100 من خرز الفخار القيشاني “نوع من السيراميك” ورفات 3 أطفال.
يذكر أن مملكة الكوشيين سيطرت على مساحة هائلة من الأراضي في السودان ما بين العام 800 قبل الميلاد وحتى القرن الرابع الميلادي، وهناك عدد من الأسباب أدت لانهيار هذه المملكة العظيمة.
وكان السبب الأهم هو أن الحكام الكوشيين قد خسروا عدة مصادر للدخل، بسبب تحويل عدد من الطرق التجارية عن مجرى وادي النيل إلى مناطق أخرى لم تكن خاضعة لسيطرة الكوشيين، وكانت هذه الطرق التجارية التي أبقت حكام الكوشيين أثرياء لفترة طويلة من الزمن.
ونتيجة لذلك، فقد الكوشيون الفوائد الاقتصادية وفرص الدخل والتنمية العظيمة التي كانت تأتي من هذه الطرق التجارية، بالإضافة إلى ذلك مع تدهور اقتصاد الإمبراطورية الرومانية انخفضت حركة التجارة بين الكوشيين والرومان، ما زاد من استنزاف مصادر الدخل للحكام الكوشيين، وأدى في النهاية إلى انهيار مملكتهم.
شبكة الشروق