منى عبد الفتاح : القمة السعودية الأمريكية.. نقاط الالتقاء والاختلاف

حملت زيارة الملك سلمان بن عبدالعزيز إلى أمريكا أوائل سبتمبر الحالي ملفات ذات مواضيع مكثفة وعميقة.
أول هذه الملفات هو الملف السياسي الذي ناء بقضايا شائكة، وأهمها الاتفاق النووي مع إيران، والأوضاع في سوريا واليمن، وتمدد تنظيم داعش.
من قبل اعترف هنري كيسنجر وزير الخارجية الأمريكي الأسبق بدور المملكة في النظام العالمي الجديد، وقد زار كيسنجر المملكة في مناسبات سابقة كانت أبرزها في سبعينات القرن الماضي.
قال عنها كيسنجر إنها شريكة بهدوء أحيانا وبحسم خلف الكواليس، في جل المشروعات الأمنية الإقليمية الكبرى منذ الحرب العالمية الثانية، حين أقدمت على الالتحاق بركب الحلفاء.
وأضاف أن تلك العلاقة سلطت الأضواء على الطابع الخاص لنظام الدول، الذي أتاح لمثل هذه المجتمعات المتمايزة فرصة التعاون حول أهداف مشتركة عبر آليات رسمية، لمنفعتها المشتركة الواضحة عموما.
منذ أول قمة سعودية أمريكية بين الملك المؤسس عبدالعزيز آل سعود، والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت عام 1945م، انعقدت الكثير من القمم، وعلى الرغم من أن مياها كثيرة جرت تحت جسر العلاقات بين البلدين، إلا أن غالب هذه العلاقة الممتدة عبر سبعة عقود من الزمان كان الاتفاق والتعاون على كل مستوياته.
يتوقع أن يكون مردود قمة الملك سلمان ـ أوباما على المدى القريب، النظر في عدم تسريع إلغاء العقوبات الاقتصادية على إيران، وذلك حتى تلبي إيران التزاماتها كاملة فيما يتعلق بعدم تجاوز بنود الاتفاق النووي، إذ إنه تعذر وجود بصيص أمل يطمئن في التأثير على السلوك الإيراني بغير بند العقوبات.
وإذا كان الكونجرس يهتم بأنشطة إيران النووية بحيث اشترط ضرورة الرصد والتفتيش التي تعنتت إزاءهما بحجب المعلومات عن مفتشين تابعين للأمم المتحدة، وبالإمكان خدمة المنطقة العربية بهذا الخصوص بتواؤم الرؤى، فإن هناك من الطموحات الإيرانية ما تتحمل المملكة القلق إزاءه وحدها نيابة عن الدول العربية.
ومن هذه الطموحات والنشاطات الطموح الإيراني التوسعي، حيث تسعى إيران لأن تكون القوة الإقليمية الكبرى.
وعلى الرغم من أن الرئيس أوباما، قد أعلن التصدي لأنشطة إيران التي تزعزع استقرار المنطقة؛ إلا أن الدور الأمريكي على أرض الواقع بدا مترددا في حسم هذه الأنشطة مما تطلب تدخل المملكة السريع حتى تدفع بالموقف الأمريكي من خانة التردد إلى التعاون الفعال.
ثم هناك برامج إيران الصاروخية ودعم الإرهابيين والحرب بالوكالة كما في اليمن وسوريا والعراق.
وهذه النشاطات تؤثر على المملكة بشكل مباشر بوصفها تحتل عمق وجودها من ناحية الشمال والجنوب.
لكل ذلك فإن زيارة الملك سلمان بالإضافة إلى الأهداف الأخرى، فهي للمساهمة في وضع سقف واضح للبرنامج النووي الإيراني، وإذا لم يكن يعني الولايات المتحدة بقية النشاطات الإيرانية فإن المملكة تحرص على ألا يكون الاتفاق على البرنامج النووي – على خطورته – معززا من تماديها في ممارساتها الأخرى.
أما الأهداف الأخرى من عقد القمة السعودية -الأمريكية فهي لا تقل أهمية عن ذلك، وهي أتت كاستجابة للمستجدات المحلية والإقليمية، وإعادة هيكلة للنظم السياسية في الشرق الأوسط ابتدأت بثورات الربيع العربي، مرورا بطموحات تنظيم داعش في إقامة دولة على أنقاض دول أخرى، ثم القضاء على نظام بشار الأسد في سوريا.
ما ينبغي النظر إليه بعين الاعتبار عند الحديث عن العلاقات السعودية الأمريكية، أنه على الرغم من أن البلدين تجمعهما مصالح مشتركة إلا أن لكل منهما قيمه وأولوياته الخاصة؛ وهذا ما يفسر بعض الحالات التي يحتاج فيها كل طرف لتقدير موقف الآخر.
ولعل أبلغ تعبير ذكره محلل سياسي أمريكي من أن أمريكا بحاجة لرؤية المنطقة من خلال عيون السعودية، حتى يتسنى لها استيعاب وتقييم ما يجري فيها.

Exit mobile version