الشوق إليها يجعلك تقبل بلوعة وشوق إلى شراء الجرائد وحتى القديمة لتمتع نفسك بحل الكلمات المتقاطعة، فهي ليست مجرد لعبة فكرية ذهنية يتسلى بها الناس في أوقات الفراغ، وإنما هي لعبة تعلم الصبر على الحصول على معلومة مفيدة، ربما يكون الشخص جاهلاً بها تماماً، وحتى وقت قريب كان حلها هوساً للسواد الأعظم في وقت مضى، ولكن تبدل واقعها مع مقدم الثورة التقنية، وصارت تحل من حين لآخر في حال أن وقعت في يد أحدهم بالصدفة دون عناء البحث عنها، ومن الواضح أن مواقع التواصل الاجتماعي تغولت على أساليبها في بعثرة أذهان المدمنين عليها وجعلت معلوماتهم معكوسة من المواقع، وقد ساعد ذلك في القضاء على كل شيء له علاقة بالتقليدية وتغيير نمط العقل، وأصبح الناس يتلقون معلوماتهم مباشرة من (فيس) و(واتساب)، ولكن يبقى السؤال في كيفية بقاء تلك المعلومات رغم أن الكلمات المتقاطعة كانت تجعل الفرد يبحث بنفسه للحصول عليها لتظل راسخة ردحاً من الزمان في ذهنه.. (المجهر) قلبت في صفحات ذكريات البعض مع الكلمات المتقاطعة عبر التقرير التالي.
ارتباط وعشق قديم
في البداية قال “الجعلي عبد الله” سائق مركبة عامة: إن الكلمات المتقاطعة موجودة منذ زمن بعيد، وأشار إلى أنه تعود عليها كثيراً، ولكن مشاغل الحياة جعلته يبتعد عنها قليلاً ونفى بأنه قاطعها، بل أكد على مقاطعته لوسائل التقنية الحديثة لأنها تحتاج إلى وقت، وأضاف حل الكلمات المتقاطعة بالنسبة لي متنفس، وهي تمتعني أكثر مما أنها تسليني، وقال لا يستهويني (الواتساب) كثيراً الأفضل لي شراء معلومة من كوني أجدها سهلة.
لا يوجد لها الوقت
أما “آمال القاسم” جاء رأيها على عكس “الجعلي”، حيث قالت متحسرة يا حليل زمن الكلمات المتقاطعة عندما كنت انتظر خالي يأتي بالجرائد التي تهتم بجانب التسلية أكثر من المواد المقروءة، وكان يقوم هو بحلها في البداية ثم أعقبه بـ(المساحة) لأزيل أثر حروفه وأعيد حلها مرة أخرى، ولكن الآن لا أجد الوقت الكافي لحلها رغم أنها كانت تمنحني المعلومات الثرة، وأشارت إلى أن (الواتساب) أصبح هو وسيلة تسلية بالنسبة لها في التواصل مع أصدقائها وحتى إن المعلومات تأتيها جاهزة.
موجودة بالسوق
من جانبه قال “أمين مصطفى أمين” تاجر أن الكلمات المتقاطعة مازالت في السوق تجد حظها من الاهتمام، وأشار إلى أن الناس تقبل على شراء الجرائد القديمة وفي مقدمتها صحف التسلية مثل (نبض الكاريكاتير) و(قلب الشارع) من الباعة (الفريشة) بالقرب من المواقف العامة، ودائماً ما استقطع وقتاً للراحة لأسلي نفسي بتقاطع الكلمات.
نوع من الفراغ
في إفادة غربية من نوعها قال “مستعين حسن” إن حل الكلمات نوع من الفراغ في حد ذاته وأنها عصف للذهن، وأشار إلى أن هناك أشياء لها أهمية أكثر من حل الكلمات برغم من أنهم يقولون هي نوع من أنواع تنشيط الذهن، ولكن يمكن أن أنشط ذهني بالتأمل والاطلاع والرفقة الطيبة مع الأصدقاء.
راحة للنفس وصفاء للذهن
وبعد نهاية الجولة الاستطلاعية مع مدمني حل الكلمات المتقاطعة ذهبنا بأوراقنا إلى الباحثة الاجتماعية “جميلة فتح الرحمن” لنسمع رؤيتها العلمية عن هذا النوع من التسلية، فجاء ردها كالتالي: الكلمات المتقاطعة من أنواع التسلية الذهنية التي تريح النفس وتصفي الذهن من الكثير من المشاكل اليومية المتراكمة، حيث تجعل كل حواس الفرد موجهة للحصول على شيء مفقود، مشيرة إلى أن الإنسان بطبيعته يحب التحدي، وأشارت إلى الفائدة الكبيرة التي يجنيها الشخص من خلال حلها، مبينة أن الوسائل التقنية الحديث غيبت كل ما هو مفيد، كما أنها لعبت دوراً كبيراً في تبلد الأذهان التي ظلت تتلقى المعلومة جاهزة، مؤكدة في ذات الوقت بأن المعلومة التي يجتهد الذهن في الحصول عليها تبقى لمدة أطول من التي لم تجهد الذهن في طريقة الحصول عليها.
اليوم التالي