المعروف عن الرياضة أنها رسالة مودة وإخاء وتنافس شريف، واختلاف الانتماءات فيها لا يفسد للود القضية، أو هكذا يجب أن تكون. ولكن ما يحدث عندنا وخاصة في مجال كرة القدم، اللعبة الشعبية الأولى على مستوى القطر ، بل وعلى مستوى العالم، أقول ما يحدث عندنا شئ مختلف جداً، يلغي ويمحو كل الأسس والممارسات النبيلة التي قام من أجلها النشاط الرياضي بصفة عامة، فالرياضة تهدف لنشر قيم الإخاء والتسامح وسعة الصدر وترويض النفس لتتقبل الخسارة بنفس الروح التي تستقبل بها الكسب والانتصار.
الملاحظ أن التنافس بين قطبي كرة القدم بالسودان وهما (الهلال والمريخ) قد احتدم بطريقة جعلت جمهور الفريقين يحيد عن الجادة وتحكيم العقل وذلك بإنعدام الروح الرياضية بل تم تصعيد الحساسية بين الفريقين ليتحول الأمر إلى عداء سافر وحرب ضروس تجعل كلاً من الفريقين لا يتمنى الفوز على منافسه وحسب، بل يتوق لخسارة المنافس من أي فريق آخر، حتى لو كان الفريق المنافس أجنبياً، كل ذلك من أجل السخرية والشماتة، بل وصل حد أن يحتفل أنصار الفريق المنافس بهزيمة ندهم من فريق أجنبي بنحر الذبائح وإقامة الولائم وتوزيع الحلوى دون أدنى إحساس أو شعور بالوطنية وسمعة البلاد في المحافل الدولية.
أي جهل هذا وأي انحطاط للقيم والمفاهيم وحتى متى يستمر هذا النهج الغوغائي غير المسؤول.
لعل أصدق دليل على ما أقول ، ما تسود به الصحف المسماة بـ(الرياضية) صفحاتها وما تعج به الأسافير ووسائل التواصل الاجتماعي من مكايدات وسخرية وتندر وتراشق بألفاظ لا ترقى لمستوى التخاطب وصور قبيحة، تجعل من تلك الوسائل مواعين يتقيأ عليها الجهلاء ويفرغون عليها مكنون نفوسهم المريضة المشبعة بالحقد والضغائن.
بإلقاء نظرة لماهو كائن الآن بين جماهير الفريقين تبين الصورة الشائهة والمخجلة التي تشمئز منها نفوس الأسوياء ويرفضها كل عاقل، وكل رياضي حقيقي، بل وكل وطني صادق يحب بلده وشعبه .
كلنا يعلم أن فريقي الهلال والمريخ قد خاضا منافسة دوري أبطال إفريقيا وقد بذلا من الجهد ما مكنهما من الوصول لدور الأربعة وهي مرحلة متقدمة جداً في هذه البطولة الكبرى وذلك ما جعلنا نؤمل بقوة أن ينال وطننا (السودان) شرف الفوز بهذه الكأس لنعيد أمجاد وذكريات أفتقدناها منذ خمسة وأربعين عاماً، وذلك حين فزنا ببطولة أمم إفريقيا في العام 1970م .
رغم كل ذلك ورغم أن الحظ قد وقف إلى جابننا بامكان الوصول للمباراة النهائية فإن التعصب الأعمى جعل جمهور الهلال ينحاز لفريق (مازمبي الكنغولي) متمنياً أن يقصي المريخ من المنافسة ، وبنفس الفهم فإن جمهور المريخ منحاز تماماً (للاتحاد الجزائري) لإقصاء الهلال!!.
أي جهل وغباء وعدم وطنية هذا الذي أعمى البصائر وعصف بالعقول، حتى عميت وطاش رميها وتجردت من انتمائها وولائها الأكبر للوطن واستبدلته بتعصب غبي .
دفقة أخيرة:
يا جماهير الرياضة بالسودان بمختلف انتماءاتكم تعالوا إلى كلمة سواء نعلي فيها من مصلحة وطننا الغالي (السودان) ودعونا نتحالف مرحلياً بأن نكون كلنا (مريخاب وهلالاب) مع الهلال حتى يتخطى اتحاد العاصمة الجزائري ، ونكون كلنا مع المريح حتى يتخطى عقبة مازمبي الكنغولي إذا تم ذلك نكون قد وصلنا للهدف الأسمى حين يكون النهائي سودانياً خالصاً. وبعد ذلك فليشجع كل فريقه ويصبح فوز الهلال أو المريخ بالبطولة فوزاً سودانياً خالصاً.
وأخيراً جداً
أقول قولي هذا واخشى أن أكون كمن يؤذن في مالطا السودانية وللإخوة في الصحافة الرياضية أقول (روِّقواللعب) وخاصة الكبار فهم القدوة واجعلوا للفريق القومي السوداني نصيباً من اهتمامكم ومدادكم ، فكل الحكاية صارت هلال مريخ والقومي والوطني لامكان له في حيز اهتماماتنا ولا بواكي عليه.
الوان