انتحار جماعي

* تكاثرت الأخبار التي تتحدث عن تحول عديد المصانع من غرف الإنعاش إلى المقابر، من دون أن تجد ناعياً، يقيم عليها مأتماً وعويلا.
* قبل فترة أعلن اتحاد الغرف الصناعية عن توقف (131) منشأة صناعية بمنطقة بحري الصناعية، لأسباب متنوعة، تبدأ بعدم توافر الكهرباء، وتمر بارتفاع كلفة الإنتاج، نتيجة لعدم استقرار سعر الصرف وكثرة الضرائب والرسوم والجبايات المفروضة على المصانع، وتنتهي بالعجز عن استيراد المواد الخام، بسبب صعوبات التحويلات المالية من وإلى الخارج.
* قبل ذلك تحدث الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل، وزير الاستثمار السابق، عن هروب (723) مشروعاً صناعياً من السودان إلى إثيوبيا، وذكر أن تلك الهجرة الجماعية كلفت الاقتصاد السوداني أكثر من مليار دولار.
* وقتها قال الوزير: (يطلب المستثمر كهربة عشان يشغّل المصنع، كهربة مافي، يفك مصنعو ويمشي بيهو إثيوبيا)!
* قبل أسبوعين أعلن وزير الصناعة بولاية الخرطوم توقف (1500) مصنع عن العمل، بسبب كثرة الرسوم المفروضة عليها، التي تبلغ (23) رسماً، تُنتزع من دون أن تتبعها أي خدمات أو تسهيلات.
* يوم أمس الأول (نعى) معتمد محلية شرق الجزيرة (300) مصنع، قال إنها توقفت عن العمل في منطقة الباقير الصناعية، التي تقع على مرمى حجر من الخرطوم.
* تلك المنطقة التي كانت تزخر بأبخرة المصانع، وهدير الماكينات لم يتبق فيها سوى (30) مصنعاً فقط، نعتقد أن صمودها لن يطول، قبل أن تلحق بسابقاتها.
* قبل فترة حكى لي أحدهم قصة مستثمر تركي، قاده حظه العاثر إلى إنشاء مصنع في الباقير، بعد أن استوفى الإجراءات المطلوبة من المستثمرين الأجانب، وفوجئ بمطالبات مالية ضخمة، من المحلية، رفض سدادها، مبرزاً الإعفاء الممنوح له بموجب قانون الاستثمار، فتم اقتياده إلى المخفر، وبقي حبيساً حتى تكفل أحد أصدقائه بفك سره، وكانت المحصلة إقدام المستثمر على إغلاق المصنع، وتصفية أعماله في السودان.
* كيف تدَّعي الحكومة أنها تدعم الصناعة الوطنية، وترعى الاستثمار، وتتشدَّق برغبتها في جذب مستثمرين أجانب، ومصانعها تتوقف كل يومٍ عن العمل، لتشرِّد العمال، وتعطِّل الإنتاج؟
* المصانع التي استشهدت في بحري، شردت أكثر من عشرين ألف عامل، ولا توجد إحصائية دقيقة لعدد من فقدوا وظائفهم بسبب توقف غالبية مصانع الباقير.
* من صمدوا استمروا في العمل بمولداتٍ تعمل بجازولين، يشترونه من السوق السوداء، ويضاعف معاناتهم قبل كلفة إنتاجهم.
* إلى متى يستمر الاعتماد على سياسة (الحلول السهلة) بفرض الرسوم والضرائب الباهظة على المنتجين والمصنعين، وتركهم غنيمةً باردة لوحدات إدارية تتبع لمحلياتٍ لا همَّ لها سوى جباية الأموال، لتحقيق (الربط المقدر)، على حساب الغرض الأساسي الذي أنشئت من أجله، لتقديم الخدمات للمواطنين؟
* الخبر الأكثر إيلاماً يتعلق باقتراب مصنع سكر الجنيد من الاستشهاد.
* تاني (مصنع) جميل في بلدنا مات!!

Exit mobile version