زيارة الرئيس الأوغندي “يوري موسيفيني” للبلاد، بلا شك تمثل حدثاً مهماً وربما تغييراً كبيراً في مواقف القيادة الأوغندية تجاه السودان .
مؤكد أن ملف الحرب الطاحنة في جنوب السودان بين الرئيس “سلفاكير” ونائبه “رياك مشار” سيكون أول ملفات الحوار بين الرئيسين “البشير” و”موسيفيني”، فالسلام لن تكتمل حلقاته في الجنوب ما لم تتوافق “الخرطوم” و”كمبالا” على العمل يداً واحدة لتحقيقه في الدولة الوليدة .
تم توقيع اتفاق سلام بين الطرفين المتحاربين في “جوبا”، ولكنه اتفاق هش، واضطر “سلفاكير” لتوقيعه تحت ضغوط غربية مكثفة تقودها الولايات المتحدة الأمريكية، وقد اعترف “سلفا” نفسه بأنه أجبر على إمضاء الاتفاق !!
إذن ما يزال الوضع في الجنوب ملغوماً، وبما أن (أوغندا موسيفيني) مثلت (الحاضنة) الأساسية للحركة الشعبية خلال الحرب وبعد (نيفاشا) وإلى أن تحقق (الاستقلال) المزعوم للجنوب، فإنها أحرص ما يكون على استقرار الجنوب، فهي المستفيد الأول اقتصادياً وسياسياً وأمنياً من عودة الأمور إلى نصابها الصحيح .
لكن للسودان مطالب وشكاوى واتهامات طال أمدها تجاه القيادة الأوغندية، وأهمها دعم “كمبالا” وإيوائها للحركات المسلحة المتمردة في دارفور فضلاً عن الحركة الشعبية – قطاع الشمال المقاتلة للحكومة في جبال النوبة والنيل الأزرق .
وفي مثل هذه اللقاءات المهمة على مستوى (القمة) لا يجدي الإنكار والتبرؤ من التورط في دعم (المعارضات) المسلحة، لأن الكثير من المعلومات أصبحت متاحة للجميع، وليست في حاجة إلى جهد مخابرات جهيد .
الأيسر للطرف الجاد في تسوية ملفات الماضي، الراغب في فتح صفحة جديدة للتعاون والتطبيع والعمل المشترك، أن يقر بما حدث في فترة سابقة، ويبرر لذلك الفعل حسبما كان يرى ويعتقد، ليبدأ الطرفان مشواراً جديداً مختلفاً .
في كل الأحوال، نرحب بالسيد الرئيس “يوري موسيفيني” في بلده السودان، ونرجو أن تصاحب الأقوال الأفعال، فيعرف العالم قبل “الخرطوم” أن أوغندا ألغت إقامات عدد من قادة التمرد السودانيين المقيمين فيها، وأعلنت ذلك بوضوح لا يحتمل اللبس، وبالتالي إيقاف أي دعم (غير معلن) للحركات المسلحة في دارفور وفي منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق.
العلاقات الطبيعية بين الدول لا تحتاج لتعميق بزيارات متعددة ومتبادلة بين رئيسي الدولتين لا تثمر شيئاً، بقدر ما هي في حاجة إلى تبادل المنافع واستمرار المصالح بين البلدين .
مرحباً بالرئيس “موسيفيني” في “الخرطوم”.