المشي فوق الأشواك..

> التحركات الخارجية والزيارات الرفيعة على مستوى الرئاسة و وزارة الخارجية لدول حليفة وذات تأثير دولي كبير في هذا التوقيت بالذات، تكتسب أهمية خاصة، مع اقتراب التئام قادة العالم ورؤساء الحكومات وممثليها في الدورة الـ«70» للأمم المتحدة في نيويورك في الرابع والعشرين من الشهر الجاري، حيث تشير المعلومات أن تطورات مهمة في الملف السوداني ستكون عرضة للمشاورات بين الدول الأعضاء والكتل والمجموعات الدولية المختلفة، تمهيداً لتمرير بعضها إلى مجلس الأمن الدولي، وتتلهف قوى دولية خلال هذه الفترة إلى التقارير التي سترفع من مجلس السلم والأمن الإفريقي بخصوص الوضع في السودان، وفي ذات الوقت تقوم المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا بحملة سياسية واضحة (دون جدوى) لمنع استخدام حق النقض (الفيتو) داخل مجلس الأمن الدولي في القضايا المتعلقة بجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ويفهم إشاراتها هنا كل لبيب ..!
> في هذه السياقات المهمة، كانت الاتصالات والزيارات السياسية رفيعة المستوى للسيد رئيس الجمهورية منذ مشاركته في القمة الإفريقية بجوهانسبرج بجنوب إفريقيا وتواجده مع القادة الأفارقة في القمة الخاصة بالبيئة بنواكشوط، ثم قمة أديس أبابا لدول الإيقاد والاتحاد الإفريقي وزيارته للصين وتواصله مع كثير من قادة العالم، ثم زيارة وزير الخارجية البروفيسور إبراهيم غندور، قبل فترة قصيرة لدول إفريقية في غرب القارة وجنوبها، ثم زيارته الحالية لروسيا، كلها تصب في اتجاه واحد هو تأمين موقف السودان من أية مواجهة محتملة تدور رحاها في مقر الأمم المتحدة بنيويورك، والمقر الأوروبي للمنظمة الدولية في جنيف، حيث ينعقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بعد أيام قلائل، وينتظر أن تكون هناك معركة شرسة وحامية الوطيس ضد محاولات وضع السودان تحت البند الرابع على ضوء سجله في حقوق الإنسان.. كل هذه التحركات والجهود الحكومية، تشبه المشي فوق الأشواك وبين الألغام والفخاخ المنصوبة.
> من الطبيعي أن يتحرك السودان بنشاط وهمة لإبطال مفعول المؤامرات التي تحاك ضده، وفرصته واسعة مع الأشقاء والأصدقاء والحلفاء الدوليين في هذا الشأن، وهذا جهد لن تقوم به وزارة الخارجية وحدها، بل يحتاج إلى مجهود من كل مؤسسات الدولة ومنظمات المجتمع المدني الفاعلة لإجهاض ما يُحاك ضدنا، ومن بين المبادرات الجادة التي تحتاج إلى سند ودعم، ما قام به اتحاد الشباب السوداني وترتيبه لزيارة وفد مركز دعم الشباب الإفريقي وقيادته النيجيرية التي طرحت مبادرة شبابية إفريقية لمحاصرة المحكمة الجنائية الدولية التي تستهدف عدة قادة أفارقة وتدعو لقمة في أبوجا يحضرها خمسون من القادة الأفارقة بينهم البشير لتوحيد كلمة ووقفة القارة الإفريقية في مواجهة الجنائية الدولية، باعتبارها محكمة أوروبية على أسس ودوافع استعمارية تستهدف إفريقيا وقادتها لا علاقة لها بالقانون والقضاء والعدالة.
> وتوازياً مع هذه المبادرة، وتنفيذاً لقرارات القمة الإفريقية في جنوب إفريقيا مؤخراً، سيقدم ستة من وزراء الخارجية الأفارقة بينهم السودان وكينيا ومعهم رئيسة المفوضية بالاتحاد الإفريقي، سيقدمون طلباً لمجلس الأمن الدولي خلال تواجدهم في اجتماعات الجمعية العامة بنيويورك، لوقف الإجراءات وسحب ملف الدول الإفريقية المتهم قادتها من قِبل المحكمة الجنائية الدولية وإنهاء كل ما يتعلق بالإحالة التي تمت من قبل وما ترتب عليها.
> أما القضية السودانية كحالة أمام مجلس الأمن الدولي، فإذا ما رفع مجلس السلم والأمن الإفريقي تقريراً بشأنها، فإن السودان سيواجه عاصفة عاتية تم الإعداد لها من فترة بين عواصم غربية وعواصم إفريقية، وهنا يأتي دور الحلفاء الدوليين من أصحاب العضوية الدائمة وبعض الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي من أمريكا الجنوبية وإفريقيا وآسيا لمؤازرة الموقف السوداني ومنع إصدار قرارات مجحفة بحقه، وتفهم الكثير من دول العالم خاصة روسيا والصين وبعض الأعضاء غير الدائمين في مجلس الأمن الدولي، أن أية قرارات جديدة أو تشديد العقوبات تزيد من تعقيد الأزمة السودانية ولا تسهم في حلها، خاصة في مناطق جنوب كردفان، والنيل الأزرق، ودارفور.
> على الحكومة ألا تكتفي فقط بالتحركات الرسمية والاتصالات السياسية، الدبلوماسية السودانية، بل تقوم بدورها ولها نشاط ملحوظ وفاعل ومقدر، لكن ينبغي لكل الجهات الحقوقية والقانونية والإعلامية ومنظمات المجتمع المدني والناشطين في مجالات حقوق الإنسان والبرلمانيين التحرك المترافق مع التحرك الرسمي حتي نجتاز هذه المرحلة ..

Exit mobile version