عشرات بل مئات السيارات تصطف يومياً أمام بوابات الجامعات والمحال التجارية والشركات والمؤسسات، وفي المواقف المنتشرة في العاصمة الخرطوم، حيث تبدو تلك السيارات من أحدث الموديلات وأفخم الأنواع، ذلك المشهد الاستعراضي يجعلك تظن للحظات بأنك في معرض دولي لأفخم واحدث شركات السيارات في العالم.
(1)
وفي الأثناء غمرت السيارات الكورية أسواق السودان بغتة، ربما لأن أسعارها مناسبة بجانب توافرها بأقساط مريحة، لذا أصبح الحصول عليها أكثر سهولة من نظيراتها من الماركات الأخرى، حتى احتشدت بها شوارع الخرطوم التي سيطرت على متونها (الأتوس والفيستو والكِليك) وغيرها من الماركات الكورية التي أصبحت محل تفاخر اجتماعي بالعاصمة الخرطوم، حتى إن عبارة مثل (فلان ده عندو عربية أتوس) أصبحت تطلق بشيء من الفخر و(البوبار)، خاصة بعد ارتفاع أسعار السيارات بشكل جنوني في السنوات الأخيرة.
(2)
وفي الوقت الذي يتباهى فيه سكان العاصمة بهذه الماركات، رمى قاطنو الولايات بها إلى الإسفلت كسيارات أجرة ينادي عليها كوسيلة مواصلات بتعرفة معقولة وفي متناول أي شخص يقطن كلاً من كسلا، الأبيض، الدلنج ود مدني، وغيرها من المدن الولائية التي لا حصر لها، بعد أن قامت مقام التاكسي هناك، فيما انتشرت الكِليِك بكثافة في عروس الرمال والدلنج كوسيلة للسفريات الطويلة بين مدن كردفان المختلفة
(3)
ورغم تعثر هذه الولايات وقلة إمكانياتها، إلا أنها اعتمدت الماركات الكورية سيارات أجرة سهلة ومريحة ورخيصة، تقلل الازدحام وتسهم في حل أزمة المواصلات، بينما ولاية الخرطوم برغم توافر إمكانياتها غضت النظر وغلت اليد عن توفير العربات الكورية التي في ما لو أُدخلت الخدمة لاستقلها المواطنون والأجانب على حد سواء.
(4)
اللافت أن ذات الماركات يقتنيها طلاب الجامعات في العاصمة كسيارات مميزة وعلى النقيض فإنها تشق الفيافي والرمال وتتلوث بالطين في ولايات السودان المختلفة، لكن هذا الوضع يعكس وفقاً لخبراء اقتصاديين تفاوت طبقات المجتمع ويمثل مرآة لواقعه، ومدى الهوة التي تفصل بين فئاته وأطيافه، ما يعتبر بوصلة ومؤشرا للمشهد الاقتصادي المختل بين قلة تملك وكثرة لا تملك، وهذا ما تجسده ثقافة التفاخر والتباهي الاستهلاكية.
صحيفة اليوم التالي