عرف السودان العسل منذ أقدم العصور حيث وجد في آثار النوبة واستخدم العسل في أغراض عدة خاصة في تحنيط جثث الفراعنة وفي علاج الأمراض المختلفة.
وتوجد في السودان حالياً أنواع نحل العسل الأفريقي وتنتشر هذه الأنواع في معظم ولايات السودان الوسطى والجنوبية والغربية في مناحل طبيعية على الأشجار والكهوف ويقوم المواطنون بتربية النحل في خلايا مصنوعة من ألواح محلية ويستخرج العسل بطرد النحل بالغاز والنار والدخان ويصفى العسل بطرق بدائية تقلل من قيمة العسل الطبيعي.
وقد احترفت أعداد كبيرة من المواطنين صناعة النحالة في السودان لإنتاج العسل والشمع ولهم أسواق معروفة بمختلف أنحاء البلاد وبخاصة في ولايات جنوب وغرب دارفور ، جنوب كردفان ، النيل الأزرق والقضارف وسنار، بيد أن الدراسات العلمية المكثفة لمعرفة أنواع النحل السوداني وتطوير هذه الصناعة باستخدام الطرق الحديثة قد بدأت في أواخر القرن الماضي وذلك بغرض إنتاج العسل والمنتجات الأخرى للنحل بجانب الاستفادة من زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية المختلفة حيث يعتبر النحل أهم الحشرات الزراعية التي تقوم بتلقيح المحاصيل.
ولعسل النحل فوائد عديدة ومعروفة ويعتبر العسل من أكثر الأدوية استعمالاً للاستشفاء ومكانته عظيمة أوردتها آيات القرآن والهدي النبوي الشريف وتتمثل فوائد العسل للإنسان في استخدام منتجاته المختلفة غذاءاً ودواءاً ومدخلا لزيادة دخل الفرد الاقتصادي إضافة إلى دور النحل في تلقيح المحاصيل الزراعية والغابية وزيادة إنتاجيتها ، وأثبت الطب الحديث ان العسل يدخل في علاج كثير من الأمراض كإلتهابات العيون والحلق والكبد والمرارة والقرحة والجروح والحروق والبواسير وأمراض سوء التغذية وغيرها من الأمراض. يحتل الصدارة
بجانب إنتاج العسل يوجد إنتاج الشمع الذي تفرزه شغالات نحل العسل ويدخل الشمع في العديد من الصناعات الحديثة مثل صناعة المواد العازلة واللاصقة والشموع ويدخل طبياً في علاج انسداد الأنف والتهاب الجيوب الأنفية والحميات، ويضاف إلى ذلك غذاء الملكات الذي تفرزه شغالات النحل صغيرة السن . وقد اهتمت المراكز الطبية بتجربة غذاء الملكات في كثير من الدول وجاءت النتائج مشجعة في فائدة غذاء الملكات في علاج حالات العقم عند النساء والانيميا عند الاطفال وعلاج أمراض غدة البروستاتا وإعادة الدورة الشهرية وعلاج الانهيار العصبي كما يدخل غذاء الملكات في مستحضرات التجميل.
ومن المنتجات المهمة سم النحل الذي يستخدم بتراكيزات مخففة لعلاج حالات الروماتيزم وعرق النسا والصدفية والملاريا. وهناك حبوب اللقاح التي يجمعها النحل من أزهار النباتات المختلفة والتي تعتبر مصدرا مهماً للعديد من المركبات المهمة والحيوية للإنسان وتستخدم هذه الحبوب في علاج أمراض الكبد والمعدة والأمعاء والتهاب الأعصاب.
أما صمغ النحل فقد وجد أنها مادة صمغية تعالج بعض الأمراض وتمتاز بأنها مضاد حيوي لكثير من أنواع البكتريا والفطريات ، ويدخل في فوائد صناعة النحالة تجارة النحل القائمة على إنتاج وبيع الملكات وطرود النحل الذي يحقق ربحاً وفائضاً لكثير من مربي النحل.
وتقترن الفوائد التي تحققها تربية النحل بفائدة عظيمة هي تلقيح المحاصيل الزراعية التي تؤدي إلى زيادة إنتاجية المحاصيل الزراعية والتي تتراوح بين 7 في المائة إلى 200 في المائة ويمكن لنحل العسل ان يقوم بتلقيح 80 في المائة من المحاصيل الحقلية والبستانية والمراعي والعلف خاصة وأن النحل يعتبر الحشرة الوحيدة التي يمكن التحكم في تكاثرها ونقلها بعدد وافر إلى الأماكن المختلفة لتلقيح الأزهار.
وترجح الفوائد العديدة التي تحققها صناعة النحالة قيام مشروع قومي لتربية النحل وإنتاج العسل ومنتجات النحل الأخرى خاصة في الولايات التي تمتاز حاليا بإنتاج العسل بطرق تقليدية خاصة النيل الأزرق، سنار، القضارف، جنوب كردفان، جنوب وغرب دارفور، إضافة إلى ولايتي الخرطوم والجزيرة وذلك لتوفر المحاصيل الحقلية والبستانية والغابية في هذه الولايات.
ويهدف المشروع إلى توفير سلعة العسل بالطرق الحديثة وبأسعار تناسب دخل المواطنين، المساهمة في التنمية الزراعية والاقتصادية وتغيير نمط الاستهلاك للعسل من سلعة علاجية إلى سلعة غذائية وتحقيق عائد مجزي للمستثمر في تربية وصناعة النحالة بجانب تطوير تربية النحل وزيادة إنتاجية العسل، وإيجاد سلالات تلائم مناخ البلاد وتحقق صادر من النحل إلى الأسواق العالمية خاصة دول الخليج التي تستورد سنوياً أكثر من 200 ألف طرد نحل إضافة إلى تطوير الأبحاث العلمية الخاصة بفوائد العسل وتربية النحل.
الخرطوم 11-9-2015 م(سونا)