قرر معتمد الخرطوم “محمد عثمان أبو شنب” إعادة ترتيب مواقف المواصلات اعتباراً من يوم غدٍ (الجمعة)، وسعادة الفريق “أبو شنب” متعمد الخرطوم جاء بحماس شديد وبدافع قوي لحل معضلة المواصلات ومواقفها، ولكن سعادته لم يكن الأول الذي تولى زمام معتمدية الخرطوم ولا الأول الذي جاء بحماس زائد يجعل من الخرطوم عاصمة تشبه عواصم العالم، فقد سبقه عدد من المعتمدين ولكن فشلوا في الحل. والسبب ببساطة أن هناك مراكز قوى من الصعب تكسيرهم أو القضاء عليهم، وهؤلاء أشبه بالسوس ينخرون في الجسم حتى ينهار، ولذلك من الصعب أن تحل مشكلة المواصلات يوم غدٍ ولا بعده ما لم يتوصل السيد المعتمد إلى مراكز القوى والقضاء عليها. معتمد الخرطوم السابق اللواء “عمر نمر” قال لنا وفي حوار امتد لساعات إنه عمل على تخطيط وتنظيم موقف كركر وتم توزيع أكشاك للمواطنين، ولكن اكتشف وقتها أن عدداً من الموظفين يمتلكون بعضاً منها وهذا سبب هزيمة المعتمد السابق، ولذلك مشوارك يا سعادتك طويل، فمشكلة المواصلات لم تبدأ من كركر فقد تم تغيير موقف المواصلات من وسط الخرطوم إلى الإستاد وكان الموظفون بعد نقل الموقف إلى الإستاد يزحفون يومياً زرافات ووحدانا إلى مكاتبهم، وهم أشبه بالمظاهرة أو السيرة ووصلت الاحتجاجات إلى المسؤولين وتم التراجع عن ذلك ثم جاءت فترة أخرى لما بعد الألفينات وأيضاً نقلت المواقف وأيضاً لم تصمد، فالمشكلة تتمثل في الأسواق الملازمة لمواقف المواصلات فتمددت الأسواق حتى أصبحت مخارج المواصلات من المواقف صعبة جداً وربما تستغرق الحافلة أكثر من ربع ساعة أحياناً للخروج من الموقف لأن أصحاب الدرداقات والطبليات وستات النبق واللالوب والترمس والتبش بالشطة وغيرهم من الباعة الجائلين يسيطرون على الشارع تماماً، لأن المحلية تفرض رسوماً عليهم ونظير تلك الرسوم أصبحوا أصحاب حق فلا أحد يجبرهم على التحرك من المكان الذي يقفون فيه، ولذلك إذا أراد السيد المعتمد أن تكون المواقف للمواصلات فقط .. عليه أن يبعد أولئك الباعة من تلك الأماكن، ففي كل العالم مواقف المواصلات خصصت لركوب المواطنين، فكلها ودقائق ويصعد المواطن في المركبة التي تقله إلى مكان سكنه. الزمن محسوب بالثانية في تلك البلدان سواء أكانت مركبات، قطارات، عربات أو بصات فلم نشهد زحاماً في تلك المحطات بالصورة التي نراها الآن في كل مواقف المواصلات، بالخرطوم أو أم درمان أو بحري أو حتى مواصلات الحاج يوسف أو غيرها.
فالسيد المعتمد مهمتكم عسيرة، فأنت جئت لسودان مصغر فلن تحل مشاكلك بالسهولة، فأنت محتاج إلى فريق عمل متكامل يساعدك في مشكلة المواصلات فقط.. خاصة وأنك لا تمتلك أسطولاً من البصات أو الحافلات، فتسعون في المائة مملوك للقطاع الخاص والقطاع الخاص له فنونه وأساليبه في إنجاح أو فشل أي مشروع، والقوة لن تحل المشكلة واللين أيضاً لن يحل المشكلة فربنا يصبرك!!