من المعتاد أن تشتكي الزوجة من بخل زوجها، لكن في بيتنا يحدث العكس فزوجتي بخيلة جدا، وتدعى أن هذا حرص وعدم إسراف حتى لا يخرب البيت، كما تقول وكما علمتها حماتي العزيزة المجتهدة، تستشهد دائما بأن “بيت المهمل يخرب قبل بيت الظالم”، وأن المسرفين كانوا إخوان الشياطين. أحاول جاهدا معها أن تتخلى عن حرصها الشديد في الإنفاق وتقوم بتوفير مرتبها في حسابها بدفتر التوفير، وتعتمد على مرتبي فقط رغم أن لدينا طفلين بالمدارس، لا تسمح بوجود دروس خصوصية.
لا تحب التسوق وشراء ملابس جديدة لطفلينا للأسف الشديد يحسدني الناس على بخلها وحرصها لكنني أنا الذي أعاني، غير المعقول أن يتضخم رصيدها بدفتر التوفير، بينما أقضيها سلف من أصدقائي بحجة أنها توفر القرش الأبيض لليوم غير الأبيض، أفهمها أن أيام الله كلها خير وليس هناك يوم أبيض ويوم أسود، هناك يوم حلو ويوم مر، يعني أيام رخاء وأيام فيها عسر يجب التحلي بالصبر وأن دور الزوجة هو مساندة زوجها دائما وإعانته إن ضاق به الحال، حاولت معها كثيرا لكنها لا تستمع إلي.
نصائح حماتي الذهبية هي التي تعمل بها، لا تحب إنفاق المال يمينا وشمالا، فهي تعبت في الحصول عليه وتريد توفيره حتى ينفعنا في أيام العسر والضيق، لجأت إلى حماي ليساعدني فوجدته مغلوب على أمره، لا يهش ولا ينش.. ونصحنى باللجوء إلى الحكمة في معالجة الأمر لأنه يعرف أن زوجتى عنيدة مثل أمها، الغريب أن البخل امتد إلى مشاعرها نحوي فهي لا تحاول إظهار تعاطفها في أزماتي المالية حتى صرخت فيها وهددتها بترك البيت والرحيل إلى مكان مجهول لا تعلمه ولن تعلمه أبدا.
تخيلت أنني أهددها فقط لم تأخذ كلامي على محمل الجد، انتهزتها فرصة ورحلت وتركت البيت لها بعد اتفاقي مع مدرس خصوصي لطفلي ولم أترك مرتبي لها ونزلت في فندق متواضع وأغلقت هاتفي المحمول لمدة أسبوع بعد أن أخذت إجازة من عملي، قررت ترك زوجتي تواجه مسؤولية البيت بمفردها، وكنت أتابعها من خلال ابنتنا الكبيرة التي كانت تشفق عليها وترجوني العودة لأن أمها قد ثقل عليها الحمل، وعرفت فيما بعد أن زوجتي قد أنفقت من مدخراتها بضعة آلاف من الجنيهات، ولما عدت وجدتها تتشبث بي وترجوني البقاء معها، وقد وعدتني بالمشاركة على شرط ترك نصف مرتبها لها، تتصرف فيه كيفما يروق لها.
كان الاتفاق منصفا، ووافقت عليه ونصحتها بالتخلي عن البخل في كل شيء، فالمشاعر تحتاج إلى سخاء وكرم بين الأزواج.
جريدة البشاير