قال الباحث والمفكر الإسلامي، طارق السويدان، إن “الحل الحقيقي لأزمة اللاجئين، هو القضاء على الحكام الديكتاتوريين، الذين صنعوا الأزمات (كالهجرة)، التي لن تنتهي، إلا إذا تم القضاء على بشار الأسد وأمثاله”.
وأضاف في حوار مع مراسل “الأناضول”، أن “البعض يلوم الثورات، (لكن) يجب أن لا نلوم الضحية، بل الجلاد، الذي صنع هذه الأزمات”، داعيًا إلى “الاستمرار بالثورات والقضاء على رأس الأفعى”، على حد تعبيره.
وتابع السويدان “الأقربون أولى بالمعروف، والأولى أن تتولى الشعوب العربية استقبال اللاجئين، بدل الضغط على ألمانيا وغيرها، (في الوقت الذي) ترفض فيه الدول العربية منح التأشيرات للسوريين، وتلوم ألمانيا لعدم استقبالهم، وهي أكثر من يلام”.
وأوضح أن “المشكلة ليست في الثورات(العربية)، والإنسان العربي، وانما في الحكومات التعيسة، والديكتاتوريات التي استأثرت بالثروات، ولم تعمل أي تنمية، ولم تراع الإنسان، ولما قامت الشعوب لتستعيد كرامتها، جاء الضرب، والكبت الشديد”.
وحول ظاهرة التطرف، أوضح السويدان أن “له أسباب مختلفة، يجب أن نعيها، هناك من يتطرف بسبب اليأس، والكبت، والبطالة، والحل هو الثورة”.
ولفت إلى أن هناك أسبابا أخرى للتطرف، منها الجهل، وضرب مثالًا على ذلك بالقول “الجاهل عندما يؤتى بأدلة شرعية يُبهر بها لجهله”.
وأضاف أن “محاربة التطرف تكون بالعلاج الفكري، الذي هو الأساس، وبعد ذلك حمل السلاح”، منوهاً إلى أن “حمل السلاح لا يكون لقتل الأبرياء، فلا بد من التمييز بين أسباب التطرف الفكرية، ومواجهتها بالفكر، واذا وصلت لمرحلة السلاح تواجه بالقتال”.
ونصح السويدان الشبان بـ”وضع هدف في الحياة يناسب قدراتهم، وصنع خطة توصلهم للأهداف، والتخطيط الجيد، وزيادة المهارات التي تعطي وتثمر، أما التخدير النفسي فهو من المهازل، وبعض الشباب يتخدر بسبب اليأس، ويأتي بعض علماء السلاطين بالتأكيد على ذلك بالطاعة، فهي دعوة للاستسلام، والانحطاط بالانسان”.
أما فيما يتعلق بظهور تنظيم “داعش”، ووجهة نظره فيه، قال السويدان إن “تنظيم داعش منحرف، حرّف الإسلام وشوهه، وهو خطر على الاسلام نفسه، ويجب محاربته بكل طريقة، وتسبب في هدم سنين من الدعوة من قبل المخلصين .. جاء هذا التنظيم همجيًا، والمشكلة الكبيرة أنه يدّعي الخلافة، والسلف تحدثوا عن الخوارج، وتصرفات التنظيم تشبههم(الخوارج)”.
وأضاف “نجح التنظيم بسبب الفراغ الذي تركته الأنظمة الحاكمة، فضلا عن الخيانات العسكرية، كما أن التنظيم رفع شعارات جميلة، فجذب الشباب، مع إغراءات مالية”.
وبين أن “مواجهة داعش يجب أن تكون بكل المستويات، عسكرية يتحالف الجميع ضده، ومواجهات فكرية من قبل العلماء الوسطيين، بكل قوة ودون استحياء، بأنه تنظيم منحرف، يجب القضاء عليه، ومواجهته إعلاميا بمختلف الوسائل، وبأدوات أقوى منه”.
وحول سؤال مراسل “الأناضول” عن الطائفية في المنطقة، أكد السويدان أن “الطائفية في العالم العربي والاسلامي قديمة، وفي لقاءات مع الشيعة قلت لهم، إن الطرفين حاولا إفناء بعضهما البعض على مدار قرون، ولم يتمكن أحد(من ذلك)، واعتزلا بعضهما البعض، فصار جهل ببعضهم، فانتشرت الخرافات، فليس هناك أي حل سوى الحوار”.
وذهب إلى أن “الطائفية خطر على الأمة، وتفتح الباب على مصراعيه للتدخل من قبل الأعداء الذين يسعدون بقتل المسلمين لبعضهم البعض، والحل أن نقبل الآخر كما هو، وهناك مئات القضايا التي نتفق عليها، ونقف موقفا موحدا منها”، مبينا أن هناك “جماعات عززت الطائفية مثل حكومة المالكي، ونظام الأسد، وحزب الله اللبناني، وتنظيم داعش، فالطائفية لا يمكن مواجهتها بالطائفية، وإنما بالعلاج الفكري”.
وعن تجربة الإسلام السياسي ومحاولات القضاء عليه وإفشاله، شدد على أن “المنطلق لفهم الإسلام السياسي، يأتي من منطلق فهم الإسلام نفسه، الذي جاء لكل مناحي الحياة الاقتصادية والقضائية، وغيرها، وجزء منه سياسي”.
وتابع قائلا “إذا فهمنا المعادلة فلا حل أمام الحكام، ودول العالم، إلا التعامل مع الإسلام السياسي، والبشر الذين يحملون هذا الفكر هم مستويات متعددة بالوعي، وقد ينجحون أو يفشلون، لأنها تجارب بشر”.
وخلص إلى أن “الإسلام السياسي لم يعط حقه بالتجربة، ففي مصر استمر سنة واحدة(في إشارة لحكم محمد مرسي أول رئيس منتخب ديمقراطياً)، وقضي عليه، بالتعاون بين الدول الغربية ودول المنطقة، إلا أنه سيعود مجددا، وفي تركيا نجح، ولا يمكن إلغاؤه، وصار هناك فهم بأن اختيار الشعب هو الذي يستمر، وإذا اختار الشعب الاسلاميين فليكن”.
وأكد أن “المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تمثل المسيحيين في بلادها، فلا أحد يعترض طالما اختارها الشعب، وإن لم يختر الشعب الإسلام، ننزل إلى الميدان ونقنعه.. انتهت عهود الاستبداد، يجب أن نطرح أنفسنا كبديل، وتكون أولوياتنا خدمة الشعب وليس الحزب”.
ووجه السويدان “تحية كبيرة لتركيا، بسبب مواقفها العظيمة فيما يتعلق بالربيع العربي والحريات، واستقبال اللاجئين، معززة بمواقف مشرفة”، لافتًا إلى أنه في صلاته يشكر الله ويحمده “لوجود تركيا في هذا الزمن، وإلا لكان المسلمون في أزمة”، على حد تعبيره.
وختم كلامه قائلا “بدون الحرية لن تنهض أي دولة، فالحرية هي الأساس، فمثلا النهضة التي في تركيا، التي فيها حرية، الحزب الحاكم لا يحصل على أغلبية، والرئيس يحصل على 52٪ فقط من الأصوات، أما الدول التي يحصل الحكام فيها على 99٪ فإنها لن تنهض”.
الاناضول