خواطر أم

رافقت ابنتي لعمل اجراءات التسجيل بالجامعة ..عندما وصلت هناك وجدت انني لست الوحيدة ..كل الطلاب اتوا برفقة ذويهم ..بل كان الاباء هم الذين يستفسرون ويسألون ..تجد كل ام قد امسكت بيد ابنتها وهي تتلفت بحثا عن الخطوة التالية ..فتاة اتت برفقة ابيها يبدو انهم اتوا من مكان بعيد ..تسمعه يقول لاحد ما في الهاتف ..(اخدنا الفايل من الشباك ..ماشين على الفحص )…احد الطلاب اتي بكل افراد الاسرة ..كانوا يحيطون به كجوهرة ثمينة …جلست امراة بجانبي هي برفقة ابنتها ايضا ..همست لي مشيرة لمجموعة من الفتيات المنقبات اللاتي انتحين جانبا (الخوف من الداعشيات ديل..يخمن بناتنا معاهن)..التفت اليها مبتسمة ..قلت لها لا تظلمي كل من اختارت النقاب ..هو خيار واختيار ..وليس كل من انتقبت داعشية او متطرفة .. قالت لي (نسوي شنو ..غلبنا عديل )…في تلك اللحظة انتبهت الى اننا (ما خلينا شئ ) لاولادنا.. ليتخذوا قرارا بشأنه ..تدخلنا في امورهم ورسمنا تحركاتهم ..حتى اجراءات التسجيل رافقناهم فيها ….حاولنا بقدر الامكان تجنبيهم مصاعب الحياة التي واجهتنا ..ونسينا مقولة ابن الخطاب عندما قال (لقد خلقوا لزمان غير زمانكم )…تذكرت عندما انتويت السفر من عطبرة الى الجامعة ..لم يرافقني احد …قال لي ابي رحمة الله عليه بعد ان دعا لي واستودعني الله واوصاني ان اخرج نهاية الاسبوع من الداخلية الى وجهتين لا ثالث لهما ..بيت اخي صلاح ..او بيت عمي داؤد قرناص ..ثم أردف قائلا ..(خلي بالك من نفسك يا بت ) …احسست ان تلك الجملة قد حملتني مسؤولية نفسي كاملة ..اختصر ابي كل المواعظ في هذه الجملة ..فليس هناك أثقل من تحمل المسؤولية في ذلك العمر ..جاكسون براون اراد ان يوصي ابنه عند دخول الجامعة ..اتى بورقة وقلم واعتقد انه سيكتب صفحة او اثنين .فوجد انه كتب 1560 صفحة وصارت كتابا حقق اعلى المبيعات ….اذا اردت ان اوصي ابنتي ..هل ترى ساستطيع أن اكتب كتابا أيضا ؟؟ ..ماهو السر الكامن في اباءنا؟؟ ..ذلك التوكل على الرب الذي يستودعونه ابناءهم وينامون قريري العين بان الله خير حافظا وهو ارحم الراحمين …..ذات مرة وجدت ابنتي غاضبة تتمتم بشئ ما وهي تدوس بقوة على ازار الموبايل ..سالتها ما الخطب .حكت لي انها غاضبة من احدي صديقاتها في الشلة ..وهي تحكي لصديقة مشتركة …قلت لها (تخيلي نحن زمان كنا نزعل من بعض في المدرسة ..نمشي البيت نكنس الحوش ونغسل العدة …نلفح توب امي نمشي للجيران نتونس ونجي نحضر مسلسل الشهد والدموع ..ولما نرجع تاني يوم المدرسة بنكون نسينا الزعل والزعلنا منها ..لكن انتوا تعملوا مشكلة ..وتواصلوا في الواتساب لحدي ما واحدة فيكم تغادر وتاني يوم كل واحدة بتكون عملت حزب براها ومعاها انصار ومؤيدين)..قالت لي (يا ماما انا احكي ليك عن صاحبتي وانت تمشي تتكلمي عن الواتس والتوتير )..القصة ليست واتس وتوتير ..الموضوع هو اننا تركناكم لوسائل التواصل التي اصبحت وسائل تباعد بيننا وبينكم ..وانتجت جيلا متعصبا لرأيه ..حادا في قراراته التي اتخذها بدون الرجوع الى من هم اكبر منه .. .. …. فجاة افتقدت ابنتي … كانت قد أفلتت يدي فوجدتها قد ذهبت تتحدث مع فتاتين ..يبدو انها تعرفهما من المدرسة ..كانت تضحك واحدى الفتيات تحكي شيئا ما لم اسمعه ..في تلك اللحظة اتخذت قراري ..حملت حقيبتي ..وذهبت الى ابنتي وقلت لها (استودعك الله الذي لا تضيع ودائعه ..خلي بالك من نفسك يا بت )…ثم وليت شطر الباب الخارجي عائدة الى منزلي …وصباحكم خير

د. ناهد قرناص

Exit mobile version