* قبل يومين أوردت وكالة (رويترز) للأنباء خبراً مفاده أن الهيئة العامة للسلع التموينية في مصر اشترت (170) ألف طن من القمح الروسي بسعر (188.02) دولار للطن، وأن الكمية المذكورة ستشحن في الفترة من (11) إلى (20) أكتوبر المقبل.
* معلوم للكافة أن مصر تعتبر من أكبر المشترين للقمح في العالم، وأنها تشتري القمح الروسي لاستخدامه في إنتاج الخبز المدعوم (رغيف التموين)، وتتم عمليات الشراء بوساطة خبراء، يتابعون تقلبات الأسواق العالمية بدقة، ويختارون أقل الأسعار، لتخفيض فاتورة استيراد القمح إلى الحد الأدنى.
* الصفقة التي أبرمتها مصر أكدت أن سعر القمح الروسي نزل تحت سقف (190) دولاراً، فلماذا انحصر أدنى سعر حصلت عليه وزارة المالية عندنا في مبلغ (304) دولارات خلال العطاء الأخير؟
* السعر المذكور تقدمت به شركة (سين) للغلال، بينما عرضت شركة (سيلفينيا التجارية) المملوكة لسعود البرير (327) دولاراً للطن، مقابل (308) دولارات لشركة (سيجاف) المملوكة للراجحي.
* السؤال الذي يطرح نفسه بقوة مفاده: (لماذا تصر وزارة المالية، ومن خلفها إدارة المخزون الإستراتيجي على استيراد الدقيق بوجود عشرات المطاحن في السودان)؟
* الدقيق أغلى سعراً، والتعامل معه محفوف بالمخاطر، لصعوبة تخزينه لفترات طويلة، لأنه يصبح عرضةً للتلف (كما حدث لكميات مقدرة من الدقيق المستورد من تركيا مؤخراً).
* بخلاف ذلك فإن استيراد الدقيق (بدلاً من القمح) يعني إيقاف المطاحن المحلية عن العمل، أو تقليص طاقتها الإنتاجية، مما قد يؤدي إلى تشريد العاملين فيها، وتقليص الكميات المنتجة من (الردَّة) المستخدمة كعلف، ورفع أسعارها في الأسواق.
* طالما أن وزارة المالية ترغب في تحرير سوق القمح لتقليص حجم الأموال المنفقة في استيراده فعليها أن تعدل سياساتها، وتتوقف عن استيراد الدقيق، وتطرح عطاءات عالمية، لتضمن بها الحصول على أقل سعر للقمح (مثلما فعلت مصر مؤخراً).
* ليس هناك ما يمنع الاستعانة بخبرات الهيئة العامة للسلع في مصر لتدريب كوادر المخزون الإستراتيجي على كيفية متابعة أسواق القمح العالمية، كي لا يشتري السودان القمح بأكثر من ثلاثمائة دولار، عندما يكون سعره في البورصات العالمية أقل من (190) دولاراً!
* إذا كانت وزارة المالية مصرة على الاستمرار في سياسة استيراد الدقيق لأسباب تخصها، فعليها أن تترك أمر جلبه للقطاع الخاص، كي يتحمل المخاطر المحيطة به، (ويتبالى بيهو براهو)، منعاً لهدر المال العام.
* للتأكيد على صدق هذا الحديث نشير إلى أن (152) ألف طن من جملة (700) ألف طن استوردت من تركيا قبل فترة تعرضت للتلف، وأهدرت على السودان أكثر من (70) مليون دولار!
* من المسؤول عن ضياع المبلغ المذكور؟
* وهل ستصر وزارة المالية ومن خلفها (إدارة المخزون الإستراتجيي) على فرز عطاءات الدقيق، بعد ما ذكرناه على المخاطر والخسائر الناتجة عن استيراده؟