– قد لا تكون الصدفة وحدها التي تقف وراء اختيار ( خلية الفتيات ) اللائي غادرن الخرطوم يوم السبت ٢٩ اغسطس ٢٠١٥ لمطعم ( My Place ) ليكون آخر محطة لهن قبل إقلاعهن في رحلة طيران العربية الساعة الثامنة مساء ذات اليوم في خط سيرها ( الخرطوم – الشارقة – إستانبول )، وكأن بالفتيات يبعثن برسالة ، ان My Place لهن ليس بالخرطوم ، بل بعيدا منها أميال وأميال..
دعوة غداء ام دعوة رحيل..؟!
أوصلت الدكتورة منال فضل الله ابنتها آية الليثي الحاج يوسف التي تدرس بالمستوي الثالث طب بجامعة العلوم الطبية ، الي مطعم My Place ، الكائن بضاحية الرياض جوار مستشفي مكة بالعاصمة الخرطوم ، حيث أدعت الابنة آية انه هنالك دعوة غداء مع صديقاتها ، أنزلتها الام بجوار المطعم ، لتوقف السيارة وتنزل خلفها لحاجة في نفسها ، تدخل المطعم وتسلم علي صديقات ابنتها ، واللائي لم يكونا سوي التوأم منار وإبرار عبد السلام العيدروس ، إحداهن خريجة طب جامعة العلوم الطبية وتعمل في مستشفي جرش بالخرطوم ، والثانية تدرس بالكلية الوطنية ، ألقت الأم السلام وعبارات الترحاب والمجاملة، وتضرب موعدا مع ابنتها آية علي ان تكون مواعيد العودة اليها الساعة الخامسة مساءا ، حيث ان حينها كانت عقارب الساعة تشير الي الثالثة والنص عصرا.
مواعيد القلق ..
جاءت الأم الدكتورة منال في مواعيدها تماماً لتقل ابنتها آية للعودة الي المنزل ، ودخلت المطعم ، لا أثر لآية ولا رفيقاتها، استدعت نادل المطعم واستفسرت منه، لتكون الإجابة منه بداية قلق الأم الذي قد يستمر ، ( لقد خرجن خلفك مباشرة ) أجاب نادل المطعم ، لتجري الأم اتصالا بابنتها ، ( هذا المشترك لا يمكن الوصول اليه حاليا ) ، كان هو الرد من الاتصال ، تتصل بهواتف التوأم منار وإبرار ، الإجابة معادة ، لترتبك الأم وتجري اتصالا بزوجها الليثي الحاج يوسف ( الحق المطار بتك سافرت ، وانا ماشه البيت أشوف الجواز ) ، كانت عقارب الساعة عندئذ قد شارفت علي الخامسة والنص مساءا، وفعلا في المنزل لم تجد الأم جواز سفر ابنتها ولا حقيبتها، وتأكدت لها شكوكها، الابنة قد عزمت علي الرحيل ..
المطار .. محطة حزينة ..
وصل الجميع الي المطار ، وبدأ رحلة البحث، لا أثر وسط تلك الجموع المسافرة ، تم الاتصال بأجهزة أمن المطار ، وسمح للوالد الليثي الحاج يوسف بالدخول الي صالة المغادرة للبحث، والزمن قد شارف علي مغرب الشمس ، طلبت الاسرة مراجعة كاميرات المطار عندما ضاق بهن البحث ، لم يستجاب لذلك الطلب الا صبيحة اليوم التالي الساعة الثامنة صباح الأحد الموافق ٣٠ اغسطس ٢٠١٥، لتبرز احدي الكاميرات مرور الوالد علي مقربة شديدة من ابنته ،تعرفت عليها أمها من حذائها ، وكانت اللقطة جوار حمامات المطار ، عندما كان الوالد يستعد للوضوء لصلاة المغرب ، ولم يعرفها لسببين ، الاول لان ابنته منقبة، والآخر لانه اجري قبل فترة قصيرة عملية جراحية في العيون ، لكن هل لم تتعرف عليه ابنته أيضاً ؟! لذلك المطار كان محطة حزينة..
من صالة الوصول الي صالة المغادرة..
كان هذة هي العنصر الرابع في الخلية ، ثريا او سمية صلاح حامد ، حيث قدمت من دولة الامارات العربية المتحدة ، ومباشرة من صالة الوصول اتجهت الي صالة المغادرة ، لتلتقي بالفتيات ، ويتم توزيع جوازات السفر الصومالية ، والتي عند فحصها بعد مغادرتهن وجد عليها ختم دخول للسودان قبل مدة ليست قصيرة ، وبسبب هذة الجوازات ، تعذر علي أسرهن والأجهزة الأمنية بالمطار التعرف علي أسمائهن في قوائم الركاب المغادرين للخرطوم ، لتغادر رحلة طيران العربية وعلي متنها الفتيات ، ويتركن ذويهن في حالة نفسية صعبة التوصيف..
ماذا جري في السماء ..
معروف ان الرحلة من مطار الشارقة الي مطار الخرطوم تستغرق ما يقارب الأربع ساعات ، احدي الفتاتان التوأم بعثت برسالة نصية الي ذويها تخبرهم فيها بوجهتها ( تنظيم داعش )، لتهرع الاسرة بالتواصل مع الأجهزة الأمنية لملاحقة الرحلة في مطار الشارقة بالإمارات ، ليتم توقيف اربع فتيات ، ويستدعي احد أقارب التوأم للتعرف عليهن، وكانت النتيجة أنهن غير الفتيات المطلوبات..
الي هنا تنتهي رحلة البحث عن ( خلية الفتيات ) في الاراضي السودانية و الإماراتية، ويبدأ فصل آخر مجهول المعالم والمسالك في الاراضي التركية ، بعد التأكد من سفر والد الفتاتان التوأم السيد عبد السلام العيدروس ، ومن المأمل ان يغادر اليوم الليثي الحاج يوسف والدكتورة منال فضل الله والدا آية الي الاراضي التركية ، في رحلة البحث عن فلذات أكبادهن، اللائي سرن في سكة ندر من ظفر فيها برحلة أياب