كان الحصاد موتى وجرحى لا حصر لهم..
صدق من أطلق عليه شارع (الموت) وهكذا الأن يُعرف..
رحمةٌ من الله تغشى جميع موتانا..
كانت أمنية اجتهد الأهل فى تحقيقها وعلى عجل قبل أن ينتقل صاحبها إلى الدار الأخرة وقد تمكن السرطان منه ، رؤية شقيقه المقيم خارج السودان فقط وقضاء بعض أيام معه هى أمنيته وقد امتدت سنوات الغياب ، جاء الشقيق يقود سيارته الفارهة (افراج مؤقت) يُسابق الوقت حتى يستمتع بقضاء لحظات مع أخيه قبل أن يسبقه ملك الموت إليه ويُفرق بينهما فراق لا يجتمعان بعده فى حياتهما الدنيا ، قرية صغيرة من قرى الجزيرة جمعتهما مع فرح الأهل بتلاقيهما وقد حقق الله أمنية شقيقه باللقيا ، أيام قليلة انتقل بعدها إلى الدار الأخرة ، حزيناً خرج الأخ فى طريق عودته إلى مهجره عبر طريق الموت وفيه كانت نهايته هو أيضاً اصطدمت سيارته بأخرى مُسرعة عجلت برحيله واللحاق بشقيقه فقط أيام قليلة فصلت بينهما ..
طريق رئيس يربط الخرطوم بالجزيرة وعدة ولايات أخرى ظل كما هو منذ تشييده قبل عقود من الزمان رغم أهميته بلا تأهيل يتناسب وازدياد السكان وما طرأ من زيادة فى أعداد السيارات وحمولاتها المختلفة ، حوادث متكررة خلفت عشرات الضحايا منهم من مضى إلى ربه وجرحى كُثر ، بعضهم دخلوا فى شريحة ذوى الاحتياجات الخاصة والاعاقة ..
أحد الخيرين العرب تكفل مشكوراً ببناء طريق يربط بين الحصاحيصا ومدينة طابت مروراً بكثير من القرى المتناثرة فى جنباته ما زالت ألسنة أهل المنطقة تلهج بالشكر والثناء لمن تبرع به ولمن دله على تشييده لهم ، كانت سعادتهم كبيرة جداً به رغم الملاحطات التى أبداها أهل الاختصاص عليه عند التشييد إلا أن الفائدة كانت كبيرة وقد أعانهم كثيراً وسهُلت حركتهم عبره سيما فى فصل الخريف ، هو الآخر رغم حداثته بدأ يتأكل بفعل الأمطار وطبيعة المنطقة الطينية وبالطبع لا صيانة طالته ولا توسعة ، للأسف بدأت الحوادث فيه وتكررت ، مستشفى الحصاحيصا يقف شاهداً على تدفق الجرحى المتواصل عليه ، بالأمس القريب وبالقرب من منطقتى قوز كبرو وأبوجويلى كان هناك حادث كبير بين حافلة ركاب ودفار تصادما وخلفا عدد من الجرحى ، حفر عميقة تتوسط الطريق وأخرى فى أطرافه يجتهد السائق فى تفاديها مع ضيق الشارع والسرعة الزائدة وتتكرر المأساة..
ظللنا وعلى الدوام نُبصر بما يخشى منه الناس وطريق الموت يُعد من المهددات الخطيرة لمن يستخدمونه دائما ، أيضاً هذا الطريق (الهدية) نفسه تحدثنا عنه مراراً وخاطبنا الولاة وحدثناهم جميعاً عنه وسنظل علّنا نُسمع من كان حيا ولكن..
من لم يمُت بالسرطان مات بغيره وتعددت الأسباب يا أهل الجزيرة..
والله المستعان..
بلا أقنعة..
صحيفة الجريدة..