لا توجد وظائف للأطباء .. جملة مكررة صرنا نسمعها كثيراً من منتسبي القطاع الصحي.
حدثني قبل أيام اختصاصي في أمراض الكلى صادفته بأحد المستشفيات، بأن مجموع الأطباء اختصاصيي الكلى العاملين في المستشفيات (الحكومية) بولاية الخرطوم لا يتجاوزون (خمسة) أطباء !! وأن هناك (أربعة) تخصصوا مؤخراً ولكن لا توجد وظائف شاغرة بوزارة الصحة لاستيعابهم!!
ماذا سيفعل هؤلاء (الأربعة) إن لم تستوعبهم المشافي الخاصة ؟! بالتأكيد سيلحقون بالآلاف من زملائهم الأطباء العموميين والنواب والاختصاصيين والاستشاريين الذين هاجروا خلال السنوات الأخيرة إلى المملكة العربية السعودية !!
إذن .. علام يتفاخر مجلس التخصصات الطبية بأنه (خرج كم ألف اختصاصي من عام كذا إلى عام كذا) ؟! هل تنفق الدولة عشرات المليارات من الجنيهات على تخصص الآلاف من (الدكاترة) داخل وخارج السودان، ويشقى القائمون على أمر مؤسساتها الطبية التعليمية والمهنية العليا لسنوات متتالية، ثم من بعد ذلك نترك الثمر تتخطفه الطير؟!
ما قيمة وزارة الصحة إذا كانت عاجزة عن إيجاد (5) وظائف لاختصاصيين في تخصص مهم وضروري في ولاية بلغ عدد مرضى الفشل الكلوي فيها (3300) مريض، حسبما أوردت (المجهر) نقلاً عن وزارة الصحة الولائية في عددها الصادر أمس (الثلاثاء) ؟!
كيف يكون البروف “مأمون حميدة” (بلدوزراً) والأطباء في تخصصات نادرة لا يجدون وظائف بالمستشفيات الحكومية، فيتركون البلد بما فيها للبلدوزرات والكراكات !!
عندما يقصد طبيب صرفت عليه الدولة الشيء الفلاني في كليات طب الخرطوم أو الجزيرة أو الإسلامية ستة أعوام طوال، أو أنفق عليه أهله مئات الملايين من الجنيهات في جامعة خاصة (جامعة الوزير رسومها الدراسية للطب صارت “150” مليوناً في السنة)، حتى لو كان طبيباً في مرحلة (الامتياز) وليس (اختصاصياً)، عندما يقصد وزارة الصحة الاتحادية أو الولائية، فتصدمه .. وتصدمنا نحن أيضاً عبارة: (مافي وظائف)، فإن السؤال يبقى لازماً وغريباً: هل لدينا فائض من الدكاترة في مستشفيات الدولة والمستوصفات الخاصة، فاكتفت بلادنا من الأطباء وفضلت فتح أبواب الهجرة مثلما تفعل عندما يفيض إنتاج ومخزون الذرة فتفتح الصادر؟!
الإجابة: بالتأكيد لا .. فأحد مجمعات الطوارئ بمستشفى حكومي تم افتتاحه (مراسمياً) خلال هذا العام على يد نائب الرئيس، تأخر افتتاحه (عملياً) لعدة أسابيع، لعدم وجود كادر طبي للعمل، علماً بأنه لا توجد وظائف بالوزارة !!
وغرفة العناية المكثفة التي افتتحتها الخالة بائعة الشاي بمستشفى “محمد الأمين حامد” بأم درمان، وسط أكاليل الزهور و(كامل تضامن) كل المناضلين الشرفاء من كافة أرجاء المعمورة، أيضاً تأخر تشغيلها لفائدة الأطفال المرضى، والسبب عجز الوزارة عن توفير الكادر الطبي المناسب !
كيف مافي وظائف والبلد كلها عيانة ؟! والناس بتموت لأنو المدير الطبي شغال في وقت واحد طبيباً مشرفاً على حالات حرجة، وإدارياً مسؤولاً عن تصديقات وتوقيعات وأختام !!