فى زيارة لى الاسبوع الماضى لمدينة مروى توقفت عند باعة الخضار والفواكه وسألت الأول سعر كيلو الطماطم فرد قائلا أربعون جنيها وأضاف بأن معظم انتاج الخضار يأتى من مناطق بعيدة؟ أما بائع الفواكه فقد لاحظت أنه يبيع بجانب المانجو المنتجة محليا البرتقال والعنب والتفاح فسألته هل هذا من انتاج منطقتكم فرد قائلا لا فالبرتقال يأتى من جنوب افريقيا والعنب من لبنان والتفاح من بلد آخر. تعجبت وقلت له هل معقول بعد قيام سد مروى يقل انتاجكم من الفاكهة ويرتفع أسعار خضاركم لهذه الدرجة؟ هنا تدخل احدهم قائلا ولماذا لايحدث ذلك ونحن نعانى من شح المياه!! كيف حدث هذا ياهداكم الله؟ نبئونا بعلم ان كنتم صادقين.عدت للخرطوم وسألت عن سعر كيلو الطماطم فقيل لى ثلاثون جنيها!!؟؟ اما بيقية الخضارات فحدث ولاحرج.. هنا رجع بى الزمن الى ما قبل ربع قرن وصرت أتذكر تلك الأوسمة والنياشين التى اعطيت لبعض الذين قيل أنهم أنجزوا فى القطاع الزراعى وتمت ترقيتهم الى أعلى منهم من صار واليا للخرطوم ومنهم صار وزيرا كبيرا ومنهم من ابتكر فكرة النفرة الزراعية فالنهضة الزراعية وكان هو من هو!! ومنهم من اسند اليه رئآسة مؤسسة عليا صرف عليهم وعلى مغامراتهم فى هذا القطاع الزراعى البائس مئآت الملايين من الدولارات وانتهينا الى استيراد الطماطم والفواكه مثلما انتهينا الى أن نبيع أسعار المنتجات الزراعية بأسعار لو استوردناها من الخارج كالطماطم لبعناه بأسعار أقل مما هو حاصل اليوم..هل تذكرون ذلك الشعار فى بداية الانقاذ : نأكل مما نزرع ونلبس مما نصنع وقبله شعار : السودان سلة غذاء العالم؟ لقد صرنا نأكل مما يزرع الآخرون ونلبس مما يصنعون أما ما ننتجه فلا تستطيع الاسر ذات الدخل المحدود المهدود أن تتحمله لدرجة أننى أعرف ان منها من امتنع عن شراء الطماطم.. أما حكاية السودان سلة غذاء العالم فصارت أضحوكة العالم بل السودان سلة مبادرات العالم ليحقق أقل قدر من السلام والتوحد الوطنى ورغم ذلك فقادته وزعاماته من أهل الحكم والمعارضة يتبادلون الكلمات واللكمات كذلك!! يالها من مهزلة..ويالها من المضحكات المبكيات على وطن ورثناه سالما موحدا ومستقلا فصار متحاربا منقسما وللأسف تحرسه قوات دولية وبعض أجزائه كحلايب محتلة ومن من؟من يدعون أنهم اخواتنا رغم ما قدمناه لهم من تضحيات فى حلفا وغيرها! ولم لا يحدث ذلك ونحن لدينا القابلية ليحدث لنا كل ذلك.نعم انها القابلية للاختراق بسبب خلافاتنا وعدم قدرتنا لتحقيق السلام والتوحد الوطنى الذى هو أساس انطلاق اقتصادنا وتوجيه الموارد الهائلة التى حبانا بها الله عز وجل نحو التنمية المتوازنة المستدامة.. اننا لا نستحى من الله حين من علينا بعائد البترول أضعناه فى الصرف على الحروب والصراعات وفى الصرف البذخى على ادارات حكومية مترهلة فى المركز والأقاليم والأسوأ والأنكى بل المضحك المبكى تمادينا فى الفساد المالى لدرجة جعل بعض من هبر المال معظم احتياطياتنا من العملات الحرة تتمتع بها دول وشعوب فى خارج الوطن! يالها من مهزلة!!
الجريدة