كان من الممكن أن نتفهم رفض الحكومة – في الوهلة الأولى – المشاركة في اللقاء التمهيدي للحوار في أديس أبابا، لكن وبحسب تطورات وتأكيدات مواقف الجبهة الثورية والتزامها بالمجيء والمشاركة في الحوار السوداني السوداني بعد عقد هذا اللقاء التحضيري فإن اللغة القطعية والنهائية من جانب الحكومة بعد ذلك في رفضها المشاركة في أديس بكل هذا الإصرار تعبر عن موقف إن لم نصفه بأنه غريب فهو على الأقل غير مفهوم بالنسبة للكثيرين ويحتاج للكثير من التوضيح من جانب الحكومة حتى يفهم الجميع أسباب هذا الموقف بلغته القاطعة تلك إذا كانت الأسباب مقنعة فعلاً.
هل شعرت الحكومة بأن أجندات الوساطة الأفريقية أصبحت متطابقة مع أجندات القوى المعارضة والقوى الدولية الأخرى، وأن أجهزة الاتحاد الأفريقي لم تعد محايدة في موقفها أو إيجابية وجادة في الإسهام لتحقيق التسوية السياسية وإنهاء الحرب في السودان..؟
نقول هذا الحديث ونطرح تلك التساؤلات لأننا نعتقد أن هناك تغييرا نسبيا في مواقف القوى المعارضة والجبهة الثورية بخصوص الجلوس على طاولة الحوار وأن هذا التغيير يجب أن لا تنظر إليه الحكومة بكل هذا القدر من الارتياب والتشكك في ما وراءه، أكثر من نظرتها إليه باعتباره ثمرة ونتيجة متوقعة لجملة ما تواجهه هذه القوى المسلحة من تراجع على مستوى الميدان من جهة وما تعانيه المعارضة بشكل عام من فشل متواصل في تحقيق أهدافها عن طريق العمل المسلح أو إشعال ثورة شعبية..
هذه التغييرات في مواقف الجبهة الثورية والأحزاب الحليفة لها وإن كانت غير كافية لكنها حقيقية بحكم ظروف الواقع الذي تعيشه وليست مجرد لعبة تكتيكية جديدة يتواطأ فيها معها الاتحاد الأفريقي وأجهزته لتسليمها السلطة على أطباق الضغط المكثف على الحكومة.
فالوسيط في تقديري يجب أن يقدم للطرفين مواقف يكسب بها ثقتهما بدرجات متساوية حتى يتمكن من إنجاز مهمته وهذا على ما أظن هو الشيء الذي يفعله أو فعله الوسيط الأفريقي فخالف به بعض هوى الحكومة.
نحتاج للاستماع والتفكر في مثل إشارة الأستاذ مزمل أبو القاسم قبل يومين في تحليله لموقف الحكومة والشحنة الصادقة من النصح لها ولفت نظرها لعدم التفريط في العمق الأفريقي.. وكذلك نحتاج لقراءة بيان دكتور غازي صلاح الدين الأخير ودعوته للحكومة إلى التخلي عن رفضها المشاركة في اللقاء التمهيدي ودعوته لجميع القوى السياسية للارتفاع إلى مستوى التحديات التي أمامها وتوحيد صفها بعيداً عن الثأرات.
شوكة كرامة
لا تنازل عن حلايب وشلاتين.