وجات مستمرة من الجدل المحتدم والمواقف المتضاربة داخل مصر وخارجها، دول تحظر ارتداء الحجاب، فتحدث جلبة يدوي صداها بعد فترات داخل مصر، فهناك من يحذو حذو الغرب في حظر ارتداء الحجاب على أهل بلد يشكل المسلمين الغالبية العظمى منه، فيتجدد الجدل ويعود بقوة ليسطر على حالة السكون الفاصلة بين كل أزمة وتاليتها.
آخر الآزمات كانت تلك التي أثارتها بعض المنتجعات السياحية بالساحل الشمالي، حين حظرت على الفتيات النزول إلى البحر أو حمامات السباحة بملابس المحجبات، وبعض المقاهي والمطاعم التابعة لها تجاوزت الأمر لديها أبعد الحدود، ووصل إلى منع المحجبات من الدخول، ما أثار حالة من الغضب وسط المحجبات على مواقع التواصل الاجتماعي فيس بوك وتويتر، ومنهم من بادر بنشر أسماء المطاعم التي منعت المحجبات من الدخول.
وعلى الجانب المقابل لتوجه المنتجعات السياحية تجلت خلال الفترة الأخيرة ظاهرة خلع الحجاب في مصر، التي ساهمت بقدر من الجدل هي الأخرى بين من أقحموا أنفسهم في تحليل الأسباب التي دفعت بعض المشاهير وغير المشاهير إلى خلع الحجاب ومن تعمد إبداء رأيه واعتراضه، وثمة موجة أخرى من الجدل ثارت بين المعارضين ومن يروا أن الأمر برمته شخصي ولا يحق لشخص أيًا كانت صفته أن يدلو بدلوه في شؤون الآخرين، وبين أولئك وهؤلاء طالب بعض «المثقفين» بتنظيم تظاهرة مايو الماضي بميدان التحرير، للمطالبة بخلع الحجاب.
فرنسا كانت أول دولة أوروبية تحظر ارتداء النقاب في الأماكن العامة، برغم أن هناك ما لا يقل عن 5 ملايين مسلم يعيش داخل حدودها، وأدخلت قانونًا بذلك حيز التنفيذ يغرم من يخالفه 150 يورور، تلتها بلجيكا التي خرجت بقانون هي الآخرى في العام نفسه يحظر ارتداء اي ملابس تغطي النساء ولا تظهر هويتها، وبلغ عدد الدول التي حظرت على النساء ارتداي البرقع 6 دول حتى الآن.
غير أن ما غاب على مثيري تلك الأزمات، ومن بينهم دول أوروبا نفسها أن حكام أوروبا تشبهوا بالمسلمين في حجابهم، وكان الحجاب، وتحديدًا البرقع، اختيار ملكوهم وملكاتهم، ومن بينهم ملك النمسا الذي ألبس زوجته البرقع معللًا ما فعل بأن الملكة لا ينبغي أن يراها سوى الملك.
ففي صورة نشرها موقع «أوشنيك ستيم نافيجيشن سبوت» تعود لعام 1916 يظهر ملك النمسا فرانسيس جوزيف، برفقة ابنته وزوجته الملكة التي ظهرت وهي مرتدية البرقع، وكان توجه فرانسيس حينها أن الملكة لا يراها سوى الملك.
فرانسيس جوزيف هو الحاكم المعمّر للمملكة المزدوجة النمسا والمجر في أوائل الحرب العالمية الأولى، حكم فرانسيس جوزيف إمبراطور النمسا لمدة 68 عامًا، وكانت شعبيته وقوته العسكرية السبب في تماسك عناصر المملكة المزدوجة المتباينة، وحينما اغتيل وريثه وابن أخيه الأرشيدوق فرانسيس فرديناند عام 1914، أعلن الحرب على صربيا وهو ما أدى إلى قيام الحرب العالمية الأولى.
وفي صورة أخرى يظهر الإمبراطور تشارلز، إمبراطور النمسا أيضًا، الذي تولى الحكم عقب وفاة الإمبراطورة زيتا آخر إمبراطورة للنمسا وأخر ملكة للمجر، وهي ترتدي الحجاب أثناء جنازة عمها الراحل الإمبراطور فرانز جوزيف، عام 1916، ويظهر بالجنازة العديد من النساء اللواتي ينتمين لقمة الهرم الاجتماعي وهن يرتدين البرقع الذي يغطي الجسد كاملًا.
الواقع أن البعض أرجع سبب الحجاب والبرقع في الصورتين إلى كون الأمر مرتبط بزي المراة والمظهر العام الذي كانت ترتديه في المراسم الجنائزية، ويتضح من كتاب (The Veil: Women Writers on Its History, Lore, and Politics,) أن تقليد ارتداء المراة للحجاب ظهر في عصر الملكة فيكتوريا التي حكمت بريطانيا العظمى خلال الفترة بين 1937 وحتى 1901، ولكن التقليد الذي أرسته الملكة فيكتوريا في بريطانيا وربطته بمناسبة بعينها، استحال أمرًا طبيعيًا وخصيصة من خصائص الحياة العامة لدى نساء الثقافات الأخرى، ولعل النمسا والمجر كانت من بين تلك الثقافات وفقما يتضح من الصورتين والفيديو المرفق.
اضغط هنا لمشاهدة الفيديو على قناة النيلين
المصري لايت