في مأساة إنسانية جديدة، وأزمة لاجئين توصف بأنها الأكبر منذ الحرب العالمية الثانية، وفي ممارسات “عنصرية” تعكس القلق المتزايد، والخوف الكبير من كل ما يمت للإسلام بصلة؛ رفضت عدد من دول أوروبا استقبال اللاجئين المسلمين الهاربين من الحرب، والفقر، والاضطهاد، والمستقبل المظلم في سوريا، والعراق، وأفغانستان؛ ورحبت باللاجئين الذين يدينون بالمسيحية إضافة إلى البوذيين، والوثنيين من الهند، والصين، وهونج كونج، والصحراء الكبرى في إفريقيا، وآخرين غيرهم.
ففي مأساة إنسانية مؤثرة يتعرض لها اللاجئون المسلمون؛ الذين لم تنتهي معاناتهم، وظروف رحيلهم الصعبة عبر الدول، والمحطات في البحر الأبيض المتوسط، وشرق أوروبا متطلعين للأمان، والعيش الكريم رفضت دول أوروبية استقبال لاجئين أطفال، ونساء، وعائلات مسلمة، لا ذنب لهم سوى أنهم مسلمون في حين سمحت لغيرهم بالعبور. ففي تصريح أثار جدلاً دوليًا كبيرًا أعلنت سلوفاكيا أنها لن تقبل المهاجرين المسلمين، مبررة أنهم لن يشعروا بالاستقرار فيها حيث لا توجد مساجد. ومن جانب آخر أوضحت النمسا بشكل جلي أنها ستستقبل اللاجئين المسيحيين فقط. وكذلك عبرت عددٌ من الدول الأوروبية مثل التشيك، والنمسا، ومقدونيا، والصرب، وبولونيا، وبلغاريا عن توافقها مع استراتيجية رفض اللاجئين المسلمين لاعتبارات دينية، ورحبت بنساء، وأطفال، وأسر مسيحية وغيرهم؛ متخذة من مبررات دينية “عنصرية” معيارًا في استقبال اللاجئين أو رفضهم، وممارسة واضحة على التمييز ضد اللاجئين المسلمين فقط.
ولعل هذا الرفض الأوروبي لكل لاجئ مسلم هو ما يفسر تزايد جثث الغرقى من اللاجئين المسلمين في البحر الأبيض المتوسط الذين غرقت بهم القوارب؛ ورفض السلطات في اليونان، وإيطاليا استقبالها على السواحل الأوروبية، والطلب منها العودة من حيث أتت. وبسبب ذلك التعنت تم انتشال أكثر من 100 جثة أغلبها لنساء، وأطفال مسلمين جرفتها المياه إلى سواحل بلدة “زوارة” الليبية، وفي حادثة متصلة عثرت السلطات النمساوية على أكثر من 70 جثة لأطفال، ونساء، ورجال سوريين اختنقوا في شاحنة “مبردة” بعد أن أغلق السائق “المهرب” بابها عليهم وتركها متوقفة على الطريق السريع بالقرب من الحدود مع المجر حيث يتواصل تدفق آلاف اللاجئين يوميًا.
وقد أثارت هذه الممارسات العنصرية ضد اللاجئين المسلمين ردود فعل مختلفة، واستنكرت كثير من المنظمات، والهيئات الإنسانية الدولية وجود تمييز ضد بشر يعانون الحرب، والفقر وسط مطالبات دولية بقبول المهاجرين بشكل عام، وعدم فرز اللاجئين على أساس ديني، وفي هذا السياق عبّر الأمين العام للأمم المتحدة عن صدمته الشديدة، وألمه الكبير لمصرع المئات من اللاجئين في البحر الأبيض المتوسط، وفي مناطق أخرى بأوروبا. كما طالبت المستشارة الألمانية ميركل في قمة قادة دول غرب البلقان بأهمية بدء العمل لحل هذه المشكلة، فغياب استراتيجية دولية تشترك فيها دول البحر الأبيض المتوسط، والدول الأوروبية لإنقاذ اللاجئين بغض النظر عن ديانتهم سيؤدي إلى تزايد أعداد الذين يلقون حتفهم للوصول إلى أوروبا. وللأسف كل هذا يتم، ويحدث وسط صمت كبير من دول عربية، وإسلامية لم تتخذ إجراءات، ومساعدات تُسهم في حل هذه المأساة البشرية.
اخبار العربية