عند اللزوم

:: لو راجع أي مراجع كل الزوايا ذات الصلة بقضية (القمح والدقيق)، لن يجد ما يُشير – تصريحاً أو تلميحاً – إلى تشجيعنا لإستيراد الدقيق .. دال الغذائية في تعقيبها، ونشرناه يوم الخميس الفائت، رفضت وإستنكرت إستيراد الدقيق وفضلًت إستيراد القمح ..ولاخلاف في ذلك إطلاقاً، وقد يكون محور الإتفاق الوحيد من محاور القضية .. نرفض إستيراد الدقيق، بل نتمادى – أكتر من دال – ونرفض حتى إستيراد القمح ونفضل الإنتاج لحد الإكتفاء الذاتي ..ولكن – كما تقول الحكمة النوبية – ليست باستطاعتنا أن نعلم الدمية الرقص لتوزع (الشمبال)، أي تحت وطأة الواقع العاجز عن الإنتاج كان – ولايزال – الحديث عن إستيراد القمح .. !!
:: ونعم إستوردت الحكومة – عبر مخزونها الإستراتيجي – الدقيق في عطاء شهر مارس الماضي (300.000 طن)، وتطرح في عطاء شهر أغسطس الجاري هذا – بجانب طلب إستيراد القمح – طلب إستيراد الدقيق أيضا (300.000 طن)..وإستيراد الدقيق أمر يُزعج كل المطاحن، وليس مطاحن سيقا فقط، وللمطاحن حق الإنزعاج والرفض، إذ نشاطها مرهون بالقمح..نرفض إستيراد الدقيق، فالقمح أفضل سعراً وكذلك ينتج علفاً ويساهم في تشغيل وتوظيف عمالة المطاحن، (إتفقنا)..ولكن نسأل كل المطاحن، وخاصة مطاحن سيقا، لماذا لجأ المخزون الإستراتيجي – لأول مرة – لإستيراد الدقيق مع القمح ؟..هم يعلمون بأن لكل فعل رد فعل.. لو لم تتمرد بعض المطاحن على رفع سعر دولار القمح ( 4 جنيهات )، ولو لم تتمرد على ( فك احتكار دولار القمح)، لما لجأ المخزون الإستراتيجي إلى إستيراد الدقيق ..!!
:: وقبل أشهر، تمردت بعض شركات الأدوية الكبرى على القوانين واللوائح..وتجاوزت محطة الربح المشروع إلى عالم (الثراء الفاحش )..وإستغلت ضعف المجلس الرقابي، وتطاولت على الصيدليات وأرهقت المرضى بأسعار (الطمع والجشع)، رغم أنها تستورد بالسعر الرسمي للدولار، أي بدولار المواطن ..فانتبهت الحكومة، والحكومة لا تنتبه إلا بعد (خراب سوبا).. وحولت هيئة الإمدادت الطبية إلى صندوق الإمدادات مع سلطة الإستيراد المباشر (عند اللزوم).. (عند اللزوم)، يعني الكثير للشركات الكبرى التي تحتكر الأدوية وتتحكم في أسعارها رغم أنف القانون.. ولذلك، لم يكن مدهشاً أن تسعى شعبة الأدوية إلى صندوق الإمدادات الطبية – يوم الأربعاء الفائت – للتواثق على القانون، بل – كمان – تشارك مع الصندوق في صياغة بعض اللوائح..!!
:: لست من الداعين بأن تحل سياسة ( العين الحمراء) محل الإحترام بين السلطات و شركات القطاع الخاص..ولكن عندما يصطلي المواطن بنار (الجشع والطمع)، ويدفع ثمن الإحتكار ويضع حياته وصحته في رحى الشركات الطفيلية، فليس هناك ما يمنع دعم سياسة ( العين الحمراء).. وعليه، كما أحسنت وزارة الصحة عملاً بتقوية المخزون الإستراتيجي للدواء بسلطة الإستيراد المباشر (عند اللزوم)، فقد أحسنت وزارة المالية عملاً أيضا بتقوية المخزون الإستراتيجي للغذاء بإدخال بند إستيراد الدقيق (عند اللزوم)..و(عند اللزوم) يعني عندما يكون المواطن هو (الهدف الأسمى )، وليس إستبدال شركات الطمع بشركات الجشع ..!!
:: فالسلطة التي تعجز عن حماية مواطنها من مراكز القوى التجارية المتحالفة مع مراكز القوى الحكومية الفاشلة أو الفاسدة، لاتستحق أن تسمى بالسلطة..وعليه، بعد مشروع التحصيل الإلكتروني و تحرير مزايا إستيراد القمح من قبضة الثلاث شركات، وبما أن المواطن هو محور كل القضايا، فلتمض وزارة المالية نحو المزيد من الإصلاح و لو بنهج (العين الحمراء)..!!

Exit mobile version