حظيت حادثة تعرض سيدتين سودانيتين لسوء المعاملة جراء عملهما خادمتين بالمملكة العربية السعودية، باهتمام الكثير من السودانيين داخل وخارج البلاد، وظلت مواقع التواصل الاجتماعي تتناقلها طيلة الأيام الماضية.
وتدخلت السفارة السودانية لإنقاذهما من السجن ودفع ما عليهما من مستحقات لكفيليهما، بعد إجرائها للعديد من الاتصالات إلى أن تمت تسوية الأمر، كل ذلك حدث بالرغم من قرار السفارة السودانية بمنع امتهان النساء السودانيات للعمالة المنزلية في دول الخليج.
أسئلة مشروعة
ما حدث جعل السودانيين يتساءلون عن الكيفية التي خرجت بها هاتان السيدتان، وآخرون غضبوا من قبول السودانيات لامتهان الخدمة بالمنازل مهما كانت المغريات المادية، هذا وقد أكد بعض المقيمين بالمملكة في استطلاع أجرته (اليوم التالي) أن القانون السعودي يقف في صف الكفيل في كثير من الأحيان.
بيانات وآراء إسفيرية
هذه الحادثه دفعت السفارة السودانية بالمملكة للتحرك سريعا وإنقاذ السيدتين من السجن، بعد أن قالتا إنهما تعرضا لسوء المعاملة في المنازل التي يعملان بها، فدفعت السفارة مستحقاتهما وأكملت إجراءات عودتهما للسودان، وأصدرت بيانا بأنها ستعاقب المتورطين من أصحاب مكاتب الاستخدام في هذا الأمر، مؤكدة سياستها الواضحة التي تمنع استخدام السودانيات في العمالة المنزلية.
ومن جانبها قامت الناشطة تراجي مصطفى بالتحدث عن الظاهرة في تسجيل صوتي تم تداوله في مواقع التواصل الاجتماعي، تحث السودانيات على عدم استسهال الأمور والسفر للعمل كخادمات بدول الخليج، كي لا يتحولن لقاتلات أو منتقمات من أبناء أرباب عملهن كما يحدث مع الآسيويات اللاتي ينتقمن من أطفال مُستخدميهن؛ بعد تعرضهن لأسوأ أنواع الإهانة والاستعباد.
مهينة للكرامة
“بالرغم من أن امتهان الخدمة في المنازل ليس عيبا ولا مخجلا، إلا أن السوء يكمن في الطريقة التي يتعامل بها الكثير من السعوديين مع الخادمات؛ والتي تعد مهينة جدا لكرامة الإنسان…”، هكذا قالت نجوى عبد الخالق – مقيمة بالسعودية منذ 10 أعوام – وواصلت قائلة: السوء يبدأ من نظام الكفالة الذي يجعل الفرد تحت رحمة الكفيل، وهنا تترك الأمور للأقدار والحظوظ؛ في نوع الكفيل الذي بإمكانه تحويل حياة الشخص إلى نعيم أو جحيم، وبحكم إقامتنا الطويلة بالمملكة نرفض أن تعمل السودانيات في الخدمة بالمنازل، ويكفي أنهم يتعاملون معهن كمعاملة الحيوانات أو الأثاث، فيعرضون مميزات الخادمات وعيوبهن الخلقية في الكثير من مجموعات الخدمة المنزلية بالواتساب أو الفيس بوك، مع توضيح ثمن التنازل عن الخادمة وعمولة السمسار الذي سيحضرها، وفي رأيي أن طريقة العرض مهينة وتشبه التعامل مع الجواري والعبيد.
مفاهيم مغلوطة
وقال مصطفى صالحين – مقيم بمدينة الخبر منذ 14 عاما – إن العمالة المنزلية في دول الخليج لا تناسب حواء السودانية، وذلك لاختلاف الثقافات والطباع؛ التي لها الأثر الأكبر في عدم تحمل العبء العملي لها، كما أنه لا توجد ساعات محددة لعمل الخادمة فهي تعمل طوال اليوم، كل ذلك إلى جانب النظرة الطبقية وضآلة الراتب، وأضاف قائلا: ما لا تعلمه الراغبة في السفر والعمل كخادمة بدول الخليج، أن العمل ليست له ساعات محدوة، وتعتقد أنها ستجد الرعاية والحنان باعتبارها أنثى، وبالطبع هذا المفهوم خاطئ تماما ويجب تصحيحه وتبصيرها بطريقة عملها؛ وما لها من حقوق وما عليها من واجبات قبل مغادرتها وقبل البدء في إجراءات السفر، كما أن القوانين في السعودية لصالح الكفيل، لأنه تعب في استخراج التأشيرة ودفع في سبيل حصوله على خادمة جيدة الكثير من الأموال؛ كما تكفل بنفقات سفرها؛ وبالمقابل من المفترض أن توفر له الخدمة حسب ما اتفق عليها.
قوانين العمل
أما دفع الله بدر الدين – مقيم بجدة منذ 20 عاما- فقال: في رأيي أن قوانين العمل والعمال منصفة لو تأملنا شروط العقد، ولكن ما يحدث هو أن الوسيط أو صاحب وكالة السفر يصور للفتاة عملها الجديد بطريقة مغايرة جدا للواقع، كما لا يوجد اطلاع من قبلها على العقد قبل مغادرة البلاد، وكذلك تأتي السيدة للعمل كخادمة وهي تضع في مخيلتها الصورة النمطية للخادمات بالسودان، معتقدة انها ستُعامل كفرد من أفراد الأسرة كما يحدث في البلد، وهذا ما لن تجده في بلاد الغربة، واسترسل قائلا: نحن كمغتربين كثيرا ما نسمع عن حالات سوء المعاملة؛ والأسوأ منها شكاوى التحرش، وهنا لا تتدخل السفارة إلا في حالات العنف أو اللجوء للقضاء وصلاحيتها محدودة جدا، وذلك لصعوبة إثبات تهمة التحرش، اما إذا ثبتت الجريمة فإن العقوبات رادعة جدا، وأضاف: لكن عمالة السودانيات في المنازل لم تصل لحد الظاهرة، وفئة قليلة جدا هي التي خاضت في هذا المجال، ويجب على الحكومة السودانية أن تكون أكثر حرصا وتشددا في مسألة الخروج بدون عقودات موقعة، كما يجب على الأهل أن يكونوا أكثر حرصا على بناتهم وأن لا يقبلوا امتهانهن لأي مهنة من أجل المال.
اليوم التالي