القضية الوحيدة التي تشغل نواب البرلمان بصورة مستمرة هي قضية سفر المرأة وكيف للسلطات منح هذه (العار) تأشيرة خروج السفر للخارج.!
ولو كان نواب البرلمان يهتمون لما يحدث في البلاد من دمار سياسي واقتصادي ولصورة السودان خارجياً من خلال قضايا أخرى حقيقية لما وصلت البلاد لما هي عليه الآن.. غير أن القضايا التي تحتاج إلى بحث وتقصي وفهم وكفاءة لا يستطيعون الولوج اليها لأن الصورة العامة المعروفة (للنائم) البرلماني هي سعيه خلف البحث عن السلطة والمال والحصانة.. ولو تم عمل جرد لأداء البرلمان خلال ربع قرن ستكون النتيجة صفراً كبيراً وستخرج توصيات تنادي بهدم قبة البرلمان وإغلاق أبوابه حتى يستقيم العود والظل.!
هذه المرأة التي تشغل فكر المجتمع الذكوري بحضور (سالب) الآن هي الوحيدة التي تتحمل (سفه) الحزب الحاكم والمعارضة.. وهي التي حافظت على تماسك هذا المجتمع وعلى استمرار الحياة في هذا الوطن (الميت) وهي التي تدير الشأن العام قبل الخاص بكفاءة يحسدها عليها (ما تبقى من الذكور).. وهي التي تحمي بصدرها وظهرها أسرتها الصغيرة ومؤسستها التي تعمل بها وفي هذا حماية للوطن وحفاظاً على العقد أن ينفرط.. وهي التي تتحمل عبء كل الأوضاع المأساوية التي تمر بها البلاد الآن على حساب صحتها وراحتها ورفاهيتها.. هل يعلم (نوام البرلمان) لماذا تسافر70% من النساء.. حسناً.. أقول لكم فزمنكم لا يكفيكم لهثكم خلف مصالحكم الخاصة.. بعد أن ضاقت الحياة على هذا الشعب وأُغلقت كل الأبواب أمام معيشته كانت المرأة دائماً في المقدمة للبحث عن حلول تسيّر بها شئؤون أسرتها حتى تستمر الحياة فالرجل الآن أصبح مسؤولاً عن نفسه فقط (إن جالك الطوفان).. وبما أن البلاد (يبست) ولم يعد بها سبيل لغير أصحاب الولاء بكل فنونه.. تسافر المرأة للخارج بغرض التجارة حتى تستطيع مجابهة متطلبات الحياة اليومية.. جلست مع عينات مختلفة من هؤلاء النساء واستمعت لتفاصيل الرحلة التي يقمن بها بصورة دورية لجلب البضائع وبيعها بالتقسيط للاستفادة من هامش الربح.. من واقع هذه التفاصيل اتحدى أي رجل يستطيع القيام بما تفعله هؤلاء النسوة (مرمطة) تبدأ بإجراءات السفر ولا تنتهي هناك حيث منشأ هذه البضائع.. كلها عدة أيام وتستأنف السيدات هذه الرحلة مرة أخرى من أجل حفنة جنيهات يسترن بها حال أسرهن..الـ30% الأخرى من النساء المسافرات بأغراض السياحة والدراسة والعلاج وغيرها ربما تجد فيها 01’% فقط من فتيات متفلتات يمارسن أفعال مشينة.. والفتيات اللاتي يوجد خلل في تربيتهن هنا في الخرطوم ووسط الحكومة وحول البرلمان فعلن ما يشيب له الرأس.. لماذا يتم تضخيم الأمر وتحميله أكثر ما يحتمل.. ولماذا تدفع نساء السودان ضريبة بضع فاسدات يحسبن على أصابع اليد..!
المرأة السودانية تستحق نصب تذكاري ليس هنا في أنحاء السودان المختلفة فحسب بل في كل دولة من دول العالم يخلد عظمة هذه المريبة الجليلة والسياسية المخضرمة والعاملة الكفئة والمناضلة الجسورة والمثقفة الواعية والسيدة المحترمة بكل ما تحمل من مفاهيم ومعاني.
الجريدة