قادتني قدماي الى جامعة الخرطوم ..بعد غيبة امتدت لسنوات … …تمشيت في شارع المين ..ذلك الذي كان محتكرا من قبل الحناكيش واولاد المصارين البيض ….اعتقاد لازمنا طويلا حتى كنا نحن ناس (قريعتي راحت ) و (مرقنبو قرنبو) ..نتحاشى السير فيه ونحاول بقدر الامكان الالتفاف حوله …اليوم وجدت شارع المين به مجموعات من القردة ..اي والله قردة تمشي مطمئنة ..بل اصبح امرهم عاديا لدرجة ان الطلاب لاحظوا دهشتي وانني كنت التقط للقردة صورا من جميع الاتجاهات ..حذرني احدهم (لو قربت من واحد فيهم ممكن يخطف الموبايل )..فكان ان ابتعدت بسرعة …شئ غريب ؟؟ لماذا تسمح ادارة جامعة الخرطوم بتكاثر القردة داخل الحرم الجامعي؟؟ لدرجة ان تكون ست الدار ؟؟ يتحاشاها الطلاب وربما ياتي يوم يخطبون ودها لكي تسمح لهم بحضور المحاضرة او اكمال اللاب ؟؟ ..اكثر ما أثار ضحكي وجود حرس امام بوابة الجامعة يسالون الطلاب عن البطاقة وملاحظة الالتزام بالزي للطالبات …ويسمحون للقرود بالقفز واللعب …قلت لنفسي ما علينا …..تأخر من اتيت للقائه ..أمضيت وقتي اتصفح الأسافير ..فوقع بصري على خبرين ..اولهما الحكم بالسجن لمدة شهرين على (لص ) سرق طلب (لحمة) من احد المطاعم …اما الخبر الاخر فكان عن تقرير المراجع العام لولاية نهر النيل الذي أورد فيه حجم التعدي على المال العام …والجديد في هذا التقرير ان الحساب للمال المختلس ظهرت فيه عملات اجنبية كذا جنية وكذا ريال وكدا يعني …يبدو ان العولمة طالت حتى تقرير المراجع العام ..الطريف ان الخبر لم يذكر العقاب على هؤلاء المعتدين ….كذلك لم يورد صفاتهم ولا أسمائهم …عندما رفعت عيني في تلك اللحظة …وجدت مجموعات القرود .. تلعب وتقفز فرحة في الحديقة الامامية للمكتبة الرئيسية للجامعة …!!! تذكرت برنامجا قديما بالتلفزيون السوداني ..كان اسمه (صورة مقلوبة )..فوجدتني انقل بصري بين عدد من الصور المقلوبة …في الواقع والاسفير …قرود تتقافز تحت نظر الجميع تخطف ساندوتش من هذا …تروى عطشها من كوب اخر ..لا عقاب يطالها ولا يلوح في الافق برنامج للحد من تكاثرها …رجل يسرق طعاما ليسكن جوعه فيطاله العقاب العاجل ..وبعضهم يسرق ولاية باكملها فلا يرد أي ذكر لملاحقتهم …خطر لي في تلك اللحظة ان اخاطب ذلك الجائع الذي سرق (صحن لحمة) ولم يخطر بباله سرقة كل اللحوم …مد يده عندما انهكه الجوع فغطى على بصره وبصيرته فاخذ فقط ما يسد به الرمق…كنت اريد ان اقول له (يا زول ..كان تبقى قرد )…وفي ذهني كانت تتردد اغنية الراحل عثمان حسين (يا الناسين ضميركم ..وما خايفين عذابو…يوم الحق ينادي ..يوم واقفين ببابو..يوم يسألكم الله ..يا الناسين حسابو )…وووصباحكم خير
د. ناهد قرناص