لا يمكننا اخذ التصريحات التي اطلقها رئيس الجمهورية في فضاء شوري الوطني(ناعياً حزبه) ببساطة تخل بخطورة التصريح.. فالحزب الذي(ينعيه) رئيس الدولة وهو في ذات الوقت رئيس الحزب.. هو الحزب الذي يحكم اكثر من(35) مليون مواطن سوداني غير الأجانب والبعثات الدبلوماسية في دولة مستقلة ذات سيادة..!
اذا كيف يحكم دولة كاملة حزب فقد(صلاحيته) باعتراف قائد الحزب نفسه.. وكيف يمكن لاحزاب المعارضة الجلوس علي طاولة الحوار في مفاوضات مع حزب(سقط) فعلياً واصبح بلا شرايين تضخ الدماء داخل الحزب..؟؟
وكيف لوطن وشعب عاش لاكثر من ربع قرن تحت(قيمة بلا مطر) ان يبتلع هذه التصريحات(ويشرب عليها ماء بارد) ويستمر في إيهام نفسه بوجود حزب حاكم ودولة لها كيان..؟؟
كيف اذا تم تشكيل حكومة حديثة من قيادات فشلت في الحفاظ علي كيان الحزب الحاكم وفاعلية عضويته وكيف لحزب يعاني التمزق والضياع والفشل في مؤسساته ان يستمر في حكم دولة تحتاج إلى(كونسولتو) من ابرع اطباء السياسة حتي تخرج من حالة(الكومه)التي تعانيها..؟؟
إلى هذه الدرجة اصبحنا بلا إدراك ونعيش حالة اللامبالاة.. لا يخشانا احد ولا تحسب للعبارات في حق الوطن والشعب حساباً.. إلى هذه الدرجة لا فرق عندنا ان كنا نسير خلف وهم ام حقيقة.. يبدو ان الحزب الحاكم وهو( مشلولاً) يعلم حقيقة انه يحكم اجساداً بلا ارواح.. وكيف للاموات ان تمارس حياة طبيعية حتي ولو لم تدفن في باطن الارض.. المعارضة داخل القاعات (تصفق) بلا فهم والشعب في اللقاءات الجماهيرية المباشرة وحتي المتلفزة (يصفق) ايضاً بلا فهم.. والحادي يغني الحانه لتطربه نفسه ولا عزاء للقطيع الذي امامه.!
هذه التصريحات غسلت ما تبقي من( مساحيق التجميل) بوجه الحزب الحاكم وظهر شكله الحقيقي الذي علمه الجميع من خلال الشواهد ولكنهم لم يروا قبحه واليوم ظهرت تفاصيل الصورة (موقعة ومختومة ).. ولكن اين الشعب..؟؟
سؤال قد يبدو بسيطاً في شكله غير انه عميقاً في مضمونه.. هل احدثت تصريحات رئيس الحزب الحاكم فرقاً. وهل قانون الدولة وقانون الشعب وسيادة الوطن يمكنهم تجاوزات مثل هذا التصريح..؟؟
افترض بعد هذه التصريحات التي اطلقها الرئيس ان لديه رؤية معينة وقرارات هامة وخطيرة ننتظرها مقبل الايام.. ولا أقل من حل الحزب وتقديم استقالته وتسليم الحكم لحكومة إنتقالية تدير شئؤون البلاد حتي قيام انتخابات تاتي بالاصلح للبلاد واهلها.. وإلا فلا معني لوجود الجهاز الرقابي والتشريعي والجهاز القضائي والمحكمة الدستورية والصحافة ومؤسسات المجتمع المدني والاحزاب وغيرها من كيانات المجتمع المجتمع المدني الفاعلة والغير فاعلة اذا كان بقية الشعب لا يأبهون لمن يحكمهم وكيف يحكمون.. رحم الله الشعب السوداني وابدله حياة افضل من حياته وكان الله في عون الوطن فسيذكر التاريخ ان هناك وطناً كان اسمه السودان وكان له تاريخاً ناصعاً واخر مظلماً.
الجريدة