دار حوار بيني وبين رجل في جلسة خاصة فقلت له: انا اعرفك منذ زمن بعيد، واعرف أنك تشرب الخمر منذ أكثر من أربعين سنة فهل ما زلت مستمرا؟ قال: نعم، قلت: ألم تفكر يوما في تركه؟ قال: لا لان الخمر ليس حراما!! فالله لم يحرم الخمر (بلفظ حرام) في القرآن وانما قال (فاجتنبوه)، فقلت له: وهل حرم الله الكذب في القرآن (بلفظ حرام)؟ فاستغرب من سؤالي وقال لي: لا اعرف!!، فقلت له: يمكنك البحث بقوقل الآن فإنك ستكتشف أن القرآن لم يذكر كلمة (حراما) عن الكذب على الرغم من حرمته بالكتاب والسنة فهل يعني ذلك أن الكذب حلال؟!
فقال لي مستغربا: لا شك أن الكذب حرام، ومن يقل إن الكذب حلالا فليس بعاقل، فقلت له: وهل يقول عاقل ان الخمر حلال؟ علما بأن لفظ (الاجتناب) أعظم من لفظ (الحرام) فعندما أقول لك (حرام شربه) فهذا يعني أنه يسمح لك بالجلوس مع من يشربه وأن تمسك الخمر بيدك، ولكن عندما أقول لك (اجتنبه) فمعنى ذلك ابتعد عنه ولا تقترب منه أو مع من يجلس لشربه، فرد علي قائلا: ولكنى اعرف كثيرا من الأبحاث الطبية تفيد بان شرب الكحول بكميات متوسطة هو أفضل من الامتناع عن شربه وكذلك أفضل من الإفراط فيه.. فقلت له: إذن ما تفسيرك لمنع قيادة السيارات في القوانين الغربية لمن يتناول المسكرات! وما تعليقك لأكثر الجرائم حدوثا في الغرب بسبب تناول الخمر والمسكرات، وبدأت أردد عليه كثيرا من الشواهد وهو يسمعني، ثم قال لي ولكني انا مختلف عنهم عندما اتناول الخمر.
قلت له: الأفضل لك أن تقول أنا مخالف لأمر الله عندما أشرب الخمر ولا تقل إن الله لم يحرمه، كما أن الله ذكر أن فيه منافع ولكن مضاره وإثمه أكثر كما قال تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما). ثم حاول تغيير الموضوع فقال: هل تعرف أن هناك مواقع بالإنترنت تنظم لك حياتك وتخبرك بتاريخ وفاتك من خلال بعض الأسئلة التي تطرحها عليك وأنت تجيب عنها، ثم تقترح عليك نظاما غذائاي وصحيا يطيل عمرك، قلت له: وهل عملت هذا الاختبار؟ قال: نعم، قلت: وما موعد وفاتك حسب افادة الموقع؟ قال عند بلوغى ثلاثة وسبعين عاما يعني بعد خمس سنين من اليوم، قلت: وهل نصحك الموقع الإلكتروني بشرب الخمر؟ قال: نعم ولكن اشترط علي الشرب القليل، فقلت: وهل هذا الموقع جهة طبية معترف فيها؟!! فضحك وقال: لا وإنما هو موقع تجاري، فقلت: وهل تصدق موقعا تجاريا تدفع له المال ليخبرك عن موعد وفاتك؟ فسكت، فقلت له: ولماذا حدد لك الشرب القليل للخمر طالما أنه ليس ضارا؟! فسكت، ثم بادرته بسؤال: لو دخلت عليك ابنتك وهي في حالة سكر فهل هذا مقبول عندك؟ فسكت، ثم بادرته قائلا: الأفضل لك أن تقول أنا أشتهي شرب الخمر ولا تقل إن الله لم يحرمه، حتى لا تبرر فعلك دينيا وإنما تنسب الخطأ لنفسك، فيكفي أن الخمر من أوصافه أنه (أم الخبائث) وأنه (رجس) وأنه (من عمل الشيطان) كما قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون).
وانتهى الحوار ثم رجعت الى البيت وفتحت الإنترنت وبدأت أقرأ وأبحث لأتاكد من صحة كلامه هل فعلا شرب القليل من الخمر صحي؟ واكتشفت أن المعلومة التي ذكرها صحيحة في الثلاثين السنة الماضية، ولكن في الفترة القريبة الماضية اكتشف الطب خلاف ما كان يعتقده، ودعوت له بالهداية وأن يرزقه الله الابتعاد عن الرجس الذي هو عمل الشيطان.