ضجت وسائل الإعلام العربية بخبر خاطئ عن الحكم بالإعدام على الهاكر الجزائري حمزة بن دلاج، الشاب الملقب بـ “القرصان المبتسم” في المحاكم الأميركية، بعد سنتين من اعتقاله في العاصمة التايلندية بانكوك. ونشرت وسائل الاعلام أخباراً جعلت من القرصان بطلاً، وتحدّثت عن تاريخ طويل في القرصنة، لا يبدو أنّه حقيقي، بحسب مختصّين في الموضوع. إلى ذلك، تباينت ردات فعل رواد مواقع التواصل بين من جعله بطلا لاختراقه حسابات مالية في البنوك الأميركية، وبين من قال إنه لصّ سارق.
ورغم انتشار الخبر في المواقع الإعلامية العربية، إلّا أن خبر إصدار القضاء الأميركي لحكم بالإعدام عليه لم يُذكر في أيّ وسيلة إعلامية أميركية، كما لم يتم رسميًا إخبار أسرته بالجزائر بهذا الخبر المزعوم. كما أكّدت عائلة حمزة بن دلاج أنّ الإشاعات التي تروج على مواقع التواصل التي تخصّ قرار إعدامه، خبر خاطئ. وقال أقارب حمزة إنهم أجروا مكالمات مع زوجته في أميركا مباشرة بعد تداول الخبر، حيث نفته، وأكدت أن زوجها حمزة لا يزال في سجن جورجيا إلى غاية الآن. كما ذكرت الزوجة أن حمزة رفض التعامل مع الحكومة الأميركية لمساعدتها في الحفاظ على المواقع الخاصة بهم من الاختراق.
مع هذا الضجيج الإعلامي، راسلت الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان سفارة الولايات المتحدة الأميركية لمعرفة وضعه، حيث أكد نائب رئيس الرابطة العيد سابق أنّ مصالحه قامت مباشرة، بعد انتشار الخبر، بمراسلة السفارة، ومطالبة الولايات المتحدة بتقديم تفاصيل حول ظروف التوقيف، مطالبًا بمحاكمته محاكمة عادلة وتوكيل محام خاص له.
ونشرت السفيرة الأميركية في الجزائر تغريدة على “تويتر” نفت فيها صدور أي حكم على بن دلاج، مؤكدة أن الجرائم التي اتهم فيها لا تصل عقوبتها إلى الإعدام. وكتبت جون بولاشيك بالفرنسية، إن “حمزة اعترف بالوقائع المنسوبة إليه في 26 يونيو/حزيران الماضي، وهي زرع برامج للقرصنة على الحسابات المالية بالبنوك”، مشيرة إلى أن الحكم النهائي عليه سيصدر خلال أشهر.
وكان بن دلاج قد شغل مواقع التواصل الاجتماعي منذ عام 2013 حين ألقي عليه القبض في مطار بانكوك بتايلاند، قبل أن يتم ترحيله إلى جورجيا بالولايات المتحدة الأميركية، حيث كانت تحركاته محط اهتمام من طرف المخابرات الأميركية. ونفى بن دلاج كل الاتهامات الموجهة له من طرف “أف بي أي” سابقاً، وقال في المؤتمر الصحافي الذي أعلن فيه عن اعتقاله في تايلاند: “لست مطلوبًا.. ولست إرهابيًّا”.
ويعدّ حمزة بن دلاج، البالغ من العمر حاليًا 27 سنة، أحد أشهر القراصنة الإلكترونيين في تاريخ الجزائر، تخرّج برتبة مهندس في الإعلام الآلي العام، واشتهر باختراق مواقع الحسابات المصرفية في أزيد من مئتي بنك حول العالم، ممّا تسبّب في خسارات مالية للكثير من الشركات. كما اخترق الكثير من المواقع الفرنسية والإسرائيلية، قبل أن يتم إلقاء القبض عليه عام 2013.
وحسب ما نشرت وسائل اعلامية حوله، استخدم بن دلاج حسابين بريديين مختلفين في كل عمليات اختراقه للبنوك، ولقد تم تقديم شكوى ضدهما في ولاية جورجيا من قبل شركة مايكروسوفت daniel.h.b @universityofsutton.com وdanieldelcore@hotmail.com. كما استخدم الإنتربول هذين الحسابين في تحديد مكانه في تايلاند عن طريق البحث وجمع المعلومات وبعدها تم القبض عليه.
ونقلت الوسائل أنّه قام بالسطو الإلكتروني على 217 بنكا، بالإضافة إلى العشرات من البنوك الماليزية بثروة قدرت بـ 3.4 مليارات دولار، وأنّ أضعف حصيلة كان يخرج فيها حمزة 10 ملايين دولار. وقرصن وحده 217 بنكا بواسطة القرصنة المعلوماتية. كما أخذ أكثر من 4 مليارات دولار منها، ما يعادل ميزانيات دول فقيرة، وزع أكثر من 280 مليون دولار على جمعيات خيرية في فلسطين وساعد الكثير في دول أفريقية فقيرة، وسيطر على أكثر من 8000 موقع فرنسي وأغلقه بالكامل. كذلك قرصن مواقع قنصليات أوروبية، ووزع تأشيرات بالمجان لأصدقائه الجزائريين للسفر إليها، وذلك كله بحسب وسائل إعلامية مختلفة.
لكنّ المتخصّص بأمن المعلومات، شهاب نجار، نفى كُلّ الأخبار المتداولة بشأن بن دلاج، وأكّد أنّ “ان كافة الاخبار المتعلقة بالهاكر #حمزه_بن_دلاج هي اخبار كاذبة، هو قام بتطوير فايروس “زيوس” واضر الملايين،ولم يقم بتحويل الملايين للجمعيات”. وأضاف: “وسائل الاعلام وبهدف السبق الصحفي جعلت من #حمزه_بن_دلاج الرجل الحديدي، لا صحة لارقام الاختراقات المنسوبة له، وهو متورط في اختراق ملايين الناس”. –
ونشرت وسائل إعلام تقريرًا حول عرض إسرائيلي تلقاه بن دلاج لتجنيده ومساعدته في تحصين مواقعه الحساسة، وذلك مقابل التوسط للإفراج عنه لدى الولايات المتحدة الأميركية، لكن بن لادج رفض هذا العرض عدة مرات. وذكرت قناة “القدس” أنه قال: “أن أقضي كامل حياتي في السجن لهو أهون لي من أن أساعد القتلة والمجرمين”، مضيفًا: “لو كان طليقًا لساندت الفلسطينيين في هزيمة عدوهم وشارك القراصنة فرحتهم”.
ومع انتشار خبر إعدامه، أنشئ عدد من صفحات التواصل الاجتماعي باسمه ومن عناوينها “كلنا مع حمزة بن دلاج” و”حمزة بن دلاج فخر الجزائر” و”فخر البلدان العربية روبن هود العرب حمزة”. وفيما تكلم البعض عنه بأنه روبن هود الذي أنفق تلك الأموال على الفقراء وساعدهم، وصفه البعض بالمجرم الذي سرق مليارات الدولارات من أجل رفاهيته وحياته الخاصة.
وقال فؤاد زبيري: “قضية الشاب بن دلاج حمزة الذي هو في الحقيقة سراق ولص لا أكثر ولا أقل، وإن سرقة الدول العظمى مثل أميركا وأوروبا عطيل وبايلك مثل الخليفة عندنا وشكيب خليل وما زاد الطين بلة أن هذه الأمة الخامجة حشاكم ردوه بطل قومي”. وكتب سامي حباطي: “بكل بساطة لأنهم يظنون أن اختراق الحسابات البنكية الخاصة بالكفار حلال، وسرقة اليهود حلال، بل ويمجدون من يقوم بذلك، هم يحاولون خلق أسطورة روبن هود ليضيفوا معنى لوجودهم الذي لا معنى له في الحياة”. ودوّنت حسناء قرطبة: “هؤلاء هم أبناء الوطن الجزائر الجسد وفلسطين الروح إشراقة أمل هذا ما تعلمناه وتربينا عنه لا فرق”. بينما طالب ناوري عبيداتي الدولة الجزائريّة باستعادة بن دلاج إلى الجزائر. –
العربي الجديد