مراقبة الإنترنت في إيران.. قلق دولي وتخوف معلوماتي

الحديث عن تعامل السلطات الإيرانية مع الإنترنت بات من الأمور المقلقة هذه الأيام، خاصة في ظل إصرارها علي كبت الحريات الخاصة بالتعامل مع هذه التقنية من خلال محاولتها المستمرة لفرض سيطرتها وحجب بعض المواقع عن المستخدمين الإيرانيين ، ومن هذا المنطلق أعربت مجموعة للدفاع عن الصناعة المعلوماتية عن قلقها لورود معلومات تفيد بأن السلطات الايرانية تملك تقنيات زودتها بها شركات غربية تمكّنها من رصد المعارضين للنظام على الانترنت.

وقال ايد بلاك رئيس جمعية صناعات الكمبيوتر والاتصالات، وهي مجموعة ضغط تضم عددا كبيرا من شركات المعلوماتية، بينها مايكروسوفت وجوجل وفوجيتسو، “ان المعلومات التي تفيد بأن ايران تستخدم هذه التقنيات لكشف المعارضين على الانترنت، مقلقة جدا “.

واضاف بلاك في بيان “ان الانترنت يمكن ان تكون اداة تسمح بتحسين التواصل السياسي والمشاركة في عملية ديمقراطية، كما يمكن ان تكون وسيلة تستخدمها حكومة ما للتحكم بالوصول الى المعلومات والتجسس على مواطنيها ورصد خصومها السياسيين”.

واوضحت الجمعية في بيانها ان إيران تستخدم تقنية “ديب باكيت اينسبكشن” أو المراقبة المعمقة للإنترنت، والتي تسمح لمشغلي الشبكة باعتراض البيانات على الانترنت وتحليلها لرصد بعض الكلمات المفتاح، ومن ثم اعادة ترميمها، كل ذلك في غضون ثوانٍ.

وقال بلاك “حين يستخدم مشغلو شبكات الانترنت، سواء كانوا حكومة او مشغلا خاصا، تقنية المراقبة المعمقة، فان ذلك ينتهك الحياة الخاصة لمستخدمي الانترنت”، وتابع “حين تقع هذه الوسائل بين ايدٍ غير امينة، فان انتهاك الحياة الخاصة سرعان ما يتحول الى انتهاك لحقوق الانسان .”

سوابق في كبت الحريات

وما سبق كان استكمال لإجراءات بدأتها السلطات الإيرانية في الفترة التي سبقت الانتخابات الرئاسية ، حيث حجبت الموقع الاجتماعي الشهير ” فيس بوك”، قبل نحو أسبوعين من بدء المنافسة في سباق الانتخابات الرئاسية التي أجريت في 12 يونيو المقبل.

وكان المرشح الإصلاحي مير حسين موسوي ، وضع صفحة لحملته الانتخابية وكان له أكثر من خمسة آلاف مؤيد على الموقع ، وعند محاولة الدخول إلى موقع ” فيس بوك”، تظهر رسالة باللغة الفارسية تقول “الوصول إلى هذا الموقع ليس ممكنا” .

وقال متحدث باسم ” فيس بوك” “نشعر بخيبة أمل لمعرفة أن المستخدمين في إيران قد لا يمكنهم الوصول إلى الموقع، خصوصا في الوقت الذي يحاول فيه الناخبون الدخول إلى الانترنت بوصفها مصدرا للمعلومات عن الانتخابات والمرشحين” ، مضيفا “نعتقد أن الناس في جميع أنحاء العالم ينبغي أن يكونوا قادرين على استخدام الانترنت وتبادل المعلومات مع الأصدقاء والعائلة وزملاء العمل.. من المؤسف عندما تؤدي الحالة السياسية إلى تضييق الفرص للتبادل الثقافي والتعبير عن الرأي على الإنترنت.”

وفي سياق متصل ، حجبت السلطات الايرانية أكثر من خمسة ملايين موقع على الانترنت اعتبرتها “لاأخلاقية ومخالفة لقواعد المجتمع”، حيث أشار عبد الصمد خرم ابادي مستشار مدعي عام ايران أن “الأعداء يستخدمون الانترنت لمهاجمة هويتنا الدينية”.

وتجبر السلطات الايرانية منذ سنوات مزودي خدمة الانترنت على وضع برامج في أنظمتهم لمنع الوصول الى المواقع الاباحية الاجنبية والى مواقع سياسية متمركزة في ايران والخارج ، وهي برامج تحدث يومياً وتعمل استناداً الى كلمات مفتاحية او عناوين المواقع المحظورة.

ومن اشهر هذه المواقع المحجوبة موقع يوتيوب وموقع اوركوت للخدمات الاجتماعية، وهي مواقع تلقى رواجاً كبيراً بين الشبان الايرانيين، بالإضافة إلي موقع لعبة “باربي” لاحتوائه على كلمة “فتاة” و”امرأة”، كذلك تم حظر العديد من المواقع السياسيَّة ولا سيَّما مواقع الحركات النسائية، وكذلك مواقع لمجموعات طلابية سواء معتدلة او اصلاحية.

وللالتفاف على هذا المنع يستخدم الايرانيون برامج تسمح لهم بالوصول الى المواقع المحظورة بشكل غير مباشر فيما يقوم مبتكرو هذه المواقع بتغيير عناوينها باستمرار. والمعروف أن ايران تضم 21 مليون مستخدم للانترنت من أصل سبعين مليون نسمة.

كما حجبت السلطات أيضا هناك موقع يوتيوب من قبل ومنعت دخول مستخدمي الإنترنت إليه بسبب ما يعرضه من أفلام فيديو لجماعات المعارضة الإيرانية وكذلك أفراد معارضين للنظام ، حيث تظهر عند الدخول على الموقع عبارة تشير إلى إغلاق الموقع طبقاً لقوانين إيران وهي العبارة نفسها التي تظهر على العديد من مواقع المعارضة والمواقع الإباحية على شبكة الإنترنت.

وكانت السلطات أيضا قد منعت المستخدمين من الدخول إلى محرك البحث “جوجل” أو استخدام خدمته للبريد الإلكتروني “جي ميل” على الإنترنت دون إبداء أى أسباب.

ونقلت وكالة مهر شبه الرسمية للأنباء عن حميد شهرياري سكرتير المجلس الوطني للإعلام قوله “أؤكد أنه تم حجب هذين الموقعين”. من دون أن يعطي أي تفاصيل حول أسباب هذا القرار.

وقد منع مستخدمو الإنترنت من الوصول إلى مواقع “جوجل” و”جي ميل” وعدة مواقع أخرى إيرانية وأجنبية، وتمنع السلطات الإيرانية منذ فترة كذلك الدخول إلى عشرات آلاف المواقع السياسية والإباحية عبر فرضها على شركات توفير خدمة الإنترنت استخدام برامج خاصة تمنع الوصول إلى تلك المواقع.

وتعمل هذه البرامج عن طريق رصد كلمات أساسية يؤدي استخدامها إلى حجب الموقع، مما يعني منع الدخول إلى مواقع تعتبرها السلطات حساسة، إضافة إلى مواقع عادية تتضمن إحدى هذه الكلمات الأساسية.

المصدر :محيط

Exit mobile version