هناك حادثة خطيرة وقعت بدايات القرن الثالث عشر، وأسست لما هو أخطر منها، وحاولت المصادر التاريخية إغفالها تماماً، ولا تُردد تفاصيلها إلا في المجالس التحريضية السرية في محاولة لإضفاء القداسة عليها، وهي ما عرف لدى دارسي التاريخ والباحثين في أمر الحروب الدينية بـ(حرب الأطفال) والتي بدأ تكوين جيشها في العام 2012م بحملتين، تبنى منظموهما شعار تحرير القدس، خلال الحرب الصليبية، وقد ذكر بعض المؤرخين أن صبياً في العاشرة من عمره اسمه (نيكولاس) كان يقود الجموع في المانيا، وظهر راعٍ طفل في الثانية عشرة من عمره اسمه (إيتان) في شمال فرنسا، ليعلن أنه رسول الرب لخوض المعركة المقدسة لتحرير القدس.
أسس الغربيون تاريخياً لما عرف بـ(حرب الأطفال) وليتهم اكتفوا بذلك، بل نقلوا هذه التشوهات إلى مناطق النزاعات الملتهبة، والتي يؤججون نيرانها باسم الظلم تارة، وباسم التمييز العرقي أو الديني تارة، أو بأي اسم يخترعونه لضمان استمرار الحرب.
الحركة الشعبية (قطاع الشمال) سارت على ذات الدرب، وقامت وفق تقارير صحفية بترحيل أكثر من ألف ومائتين وخمسين طفل وجندتهم قسراً، ليكونوا نواة لجند تدفع بهم إلى أُتون المعركة، وإلى جحيم المحرقة، وذلك من داخل الأراضي التي تحتلها وتديرها في ولاية جنوب كردفان، وقد قامت بنقلهم إلى دولة جنوب السودان ليخضعوا للتدريب داخل معسكرات خاصة لإعداد المحاربين.
بالله عليك تخيل، أي قسوة، وأي ظلم يقع على هؤلاء الأطفال، وعلى أسرهم وأمهاتهم وآبائهم، الذين يفاجؤون بانتزاع أبنائهم من حضن الأسرة، لترمي بهم الحركة الشعبية في أحضان المجهول والموت الأكيد.. ولا يستطيع أحد أن يحتج أو يرفع صوته مطالباً بإبقاء ابنه، لأن الطفل سيذهب، ويكون الموت مصير المحتجين..!
المعلومات التي وفرها المراس الصحفي للمركز السوداني للخدمات الصحفية، تؤكد من مصادر داخل المنطقة هي قيادات أهلية بمناطق (هيبان) و(غرب الدلنج) أن رئيس معسكر (إيدا) للاجئين، وهو العميد (يعقوب)، أشرف على إجراءات إحصاء واسعة للأسر جرت خلال أسبوعين، وهدفت إلى حصر أعداد الأطفال بمناطق (أم دورين) و(هيبان) و(كاونار) و(اللبو)، ومناطق أخرى، أمرت الحركة – كما أكدت تلك القيادات الأهلية – منسوبيها بجمع الأطفال الذين تتراوح أعمارهم ما بين الثانية عشر إلى الثامنة عشر من كل القرى، وترحيلهم إلى معسكرات التدريب.
الكارثة الكبرى ستكون في أن الجيش الشعبي للحركة الشعبية قطاع الشمال أصبح في حالة يائسة وتردى أداؤه إلى أدنى المستويات، ولم تعد هناك روح قتالية بين جنوده الذين يشربون من كؤوس الموت كل يوم.. الكارثة ستكون في أن هذا الجيش المنهزم سيدفع بهؤلاء الأطفال إلى ساحات الموت والقتال، سيدفع بهم ولا يهم قادة الحركة الشعبية إن مات الأطفال أو أسروا أو عادوا أحياء.. طالما أن الحياة مستمرة في الجبال، وطالما أن الأطفال تحت الطلب.