جاء في مذكرات الأستاذ الشاعر السر أحمد قدور بخصوص طرائف الفنان الراحل إبراهيم الكاشف ما يلي : ( في الستينيات كان الكاشف يشارك في بعثة فنية سافرت إلى الجنوب لإحياء عدد من الحفلات، وكانت الحفلة الكبرى هي ختام الحفلات التي يحضرها الرئيس الفريق عبود، وقد تم وضع برنامج الحفلة على قسمين, القسم الأول ساعة إلا ربعاً يحضره السيد الرئيس عبود وكبار الضيوف, والقسم الثاني مفتوح للجمهور ويستأنف بعد انصراف السيد الرئيس و ضيوف الحفل, وبعد وضع البرنامج ذهب المشرف على الحفل للفنان الكاشف وأبلغه أنه ونسبة لضيق الوقت فإنه لن يغني أمام الرئيس !! فقال له الكاشف : أنت عارف الرئيس ده كان ( بشيل ) لي الشنطة قبل 25 عاماً، عندما كنت أعمل بحفلات الجيش ؟! فغضب المشرف من هذا الكلام غضباً شديداً واعتبره خروجاً على اللياقة والذوق, إلا أن أحد الخبثاء نقل الكلام حرفياً لأحد مرافقي الرئيس الذي تكرم هو بنقل الكلام للرئيس عبود فضحك عبود وقال أمام مجموعة من كبار المسؤولين ( يا جماعة كلام الكاشف ده صحيح ) وطلب من المشرف أن يضع الكاشف في الفترة التي يحضرها هو والضيوف، وعندما صعد الكاشف إلى المسرح خاطب الرئيس عبود قائلاً: ( اغني أيه يا ريس ) فرد عليه الرئيس عبود: ( يا أبو خليل أنت عارف ) فما كان من الكاشف إلا أن غنى لحنه الشهير ( أنت عارف أنا بحبك ) وكانت لفتة ذكية صفق لها الرئيس والجمهور تصفيقاً طويلاً .
إبراهيم الكاشف ( أبو الفن )
يقول الأستاذ السر قدور عن الكاشف : الفنان إبراهيم الكاشف هو بلا شك رائد الفن السوداني الحديث وصاحب المدرسة الفنية التي ظلت تسيطر على الغناء السوداني منذ نهاية عهد ( الشيالين ) حتى يومنا هذا .
وهو صاحب هذا المنهج الذي تسير فيه الأغنية السودانية الحديثة, وتأريخ الفن السوداني شاهد على ذلك, وليس دور الكاشف في الفن قاصراً على أنه نقل الأغنية من ( الصفقة والشيالين ) إلى الاوركسترا الحديثة، وليس دوره قاصراً على أنه أول من لحن ووضع الموسيقى المعبرة عن معاني الكلمات, وليس قاصراً على أنه أول من أدخل الكورس الحديث في الأغنية, بل أن دوره الأكبر هو ذلك الدور العظيم الذي لا يؤديه إلا من منحه الله القدرة والموهبة الخلاقة, أن الدور العظيم الذي قام به إبراهيم الكاشف في دنيا الأغنية السودانية الحديثة هو أنه خلق لهذه المدرسة جمهوراً ضخماً ظل يتزايد على مر الأيام .
صحيفة التيار