*ما يُؤثر عن الفيلسوف الألماني كانط شهير قوله: شيئان يثيران في نفسي الإعجاب؛ السماء المرصعة بالنجوم، والقانون الخلقي في نفسي..
* و (يُؤثِّر) – من التأثير – في كاتب هذه السطور شيئان يثيران في نفسه (الإستغراب)، مفردة (عمك) التي يناديك بها من هو أكبر منك سناً، ومفردة (هناي!!) التي يُستعاض بها عن تذكُّر شيء ما..
* والمفردتان هاتان هما (صناعة سودانية خالصة) يمكن أن تشكل (بصمَّة كلامية!!) تميزنا عن الناطقين بلغة الضاد أجمعين..
* ومفردة (هناي) هذه زاد إهتمامي بها منذ أن أضحيت أنا نفسي (هنايا!!) خلال مؤتمر صحفي ومعي (هناي) آخر من الزملاء..
* فأثناء بحث أحد منظمي المؤتمر المذكور – كما ذكرت من قبل – عن مكان يضع فيه إحدى (المزهريات) صاح فيه صوت آمر (متمكِّن!!): (ياخي ما تخت البتاعة دي جنب الهنايين ديل وخلِّصنا)..
* ولم يكن (الهنايان!!) هذان سوى أنا وزميلي غير المرضيِّ عنهما (سياسياً)..
* فقلت لزميلي هذا (متهنهناً): (لو كان قال له ضع الهناية دي جنب البتاعين ديل لكان أفضل لنا، أما أن نكون هنايين فدي صعبة شوية)..
* وحين قلت كلامي ذاك كان في ذهني تفسير نُسب للعلامة عبد الله الطيب – لا أدري مدى صحته – عن (الهناي) له صلة بـ (هناي!!) ما لدى التمساح..
* والآن يكثر زميلنا حسين خوجلي من ترديد مفردة (هناي) هذه في برنامجه التلفزيوني اليومي حتى ليكاد يستحق أن يُسمى (مع هناي خوجلي!!) عوضاً عن (مع حسين خوجلي)..
* أما المفردة السودانوية الأخرى (الحداثوية!!) التي تدعو إلى التعجُّب فهي مفردة (عمك!!)..
* والأكثر إثارة للحيرة أنك قد تجد شاباً (أربعينياً) يناديه آخر (ستيني!!) بمفردة (يا عمك) هذه دون أن تهتز له (شيبة) في (ما بقي!!) من شعر رأسه..
* ومأخذنا على المفردتين هاتين أنهما ينأيان عن (الذوق المجتمعي) الذي تشتهر به بعض الشعوب من حولنا تحاشياً لجرح مشاعر الآخر؛ رجلاً كان أو إمرأة..
* فالمصري – على سبيل المثال – لا يناديك إلا بمفردة (باشا) أو (بيه) أو (أستاذ) أو (بلدينا) إن كنت رجلاً..
* ولا ينادي المرأة إلا بمفردة (ست) أو(هانم) أو (آنسة) أو (مدموزيل)..
* أما الرجل فهو عندنا في السودان – وإن كان شاباً – فهو إما (عمك) أو (حاج) أو (خال) أو (شيخ)..
* والمرأة إما (حاجة) أو (عمة) أو (خالة) ولو كانت (في عمر الزهور!!).
* وللسبب هذا تضج في سماوات أسواقنا ومناسباتنا ومواقف مواصلاتنا العبارة التي صارت من مألوف ما تسمع الأذن يومياً (يخلخل ضروسك!!)..
* وما أردت من (هناي) هذا اليوم إلا أن ألقي حجراً في بركة (الهناي!!!!!).
بالمنطق – صلاح الدين عووضة
صحيفة الصحافة