يتزايد الجدل في العالم إزاء صعود تنظيم الدولة الإسلامية، وخاصة في ظل سيطرته على مساحات شاسعة في كل من العراق وسوريا وتحقيقه انتصارات على أرض الواقع معتمدا سياسات الحديد والدم ومتخذا من بث الذعر منهجا لإرهاب أعدائه ومن الدعاية طريقا لتجنيد الشباب من كل حدب وصوب.
وفي هذا الإطار نشرت مجلة فورين بوليسي مقالا للكاتبة روزا بروكس أستاذة القانون في جامعة جورج تاون أشارت فيه إلى أن بريطانيا شيدت إمبراطوريتها معتمدة على تجارة الرقيق، وأن ألمانيا ارتكبت أكبر إبادة في التاريخ. وقالت بروكس مستشارة البنتاغون السابقة: من يقول إن تنظيم الدولة لن يكون حليفا للولايات المتحدة مستقبلا؟
دوس الأطفال
ومن أجل صناعة الدولة يعتمد التنظيم على الحديد والدم حيث يقتل الآلاف في العراق وسوريا ومناطق أخرى، وسط شجب الدول ووسائل الإعلام حول العالم التكتيكاتِ الوحشية الصادمة التي يتبعها ممثلة في قطع الرؤوس والذبح الجماعي لضحاياه.
ولكن بإمعان النظر بتاريخ الغرب، فإنه يمكن القول إن تنظيم الدولة في طريقه لنيل الشرعية الدولية، فالتاريخ يؤكد لنا أن ارتكاب الفظائع الجماعية لا يشكل عائقا أمام النجاح في المستقبل.
وأشارت الكاتبة إلى أن حكومة فرنسا الثورية قطعت علنا رؤوس حوالي 40 ألفا إثر الثورة باسم الحرية والمساواة والأخوّة، وأنها قتلت أكثر من 150 ألفا في بدايات 1790 حتى إن الخيول كانت تدوس الأطفال بأقدامها، وقالت “وها هي فرنسا اليوم حليفة للولايات المتحدة”.
كما تطرقت الكاتبة إلى مذابح ومجازر اقترفتها دول عبر التاريخ، ولكنها اليوم أصبحت عضوا فاعلا في الاتحاد الأوروبي أو في حلف شمال الأطلسي (ناتو).
رعب وذعر
وعودة إلى نهج تنظيم الدولة فإن زعيمه أبو بكر البغدادي قد يكون مسؤولا عن الآلاف من جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، ولكنه ليس أحمق فهو يعرف ما يفعل، وتنظيم الدولة قاس ولكنه يفرض نفسه بمنهج الرعب والذعر في نفوس الأعداء والأنصار على حد سواء.
وأضافت الكاتبة أن التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة لم يسفر عن كثير، وأن التنظيم لا يزال محتفظا بقوته ولم يضعف، بل إن الحملة الجوية جعلت تنظيم الدولة يصل إلى أنحاء العالم ويزيد من فرص تجنيده للمقاتلين.
واختتمت بالقول إن الغرب قد يصل إلى مرحلة يتفاوض فيها مع التنظيم تماما كما تدعم الولايات المتحدة ضمنيا التفاوض مع حركة طالبان في أفغانستان، وإن تنظيم الدولة قد ينال يوما مقعده في الأمم المتحدة ويصبح حليفا للولايات المتحدة نفسها.
الجزيرة