لغز شح الأدوية بالسودان .. حتى «الحاوي» لم ينجح في فك طلاسمه

دراسة صادمة أجريت بواسطة فريق من جامعة الخرطوم من (80) صفحة تشير إلى أن الفجوة في الدواء في القطاع العام بنسبة (42%) وأن القطاع الخاص يوفر (58%) من الأدوية. معاناة المرضى تتفاقم كل يوم خاصة الأدوية الباهظة التكاليف غير المضمنة في بطاقات التأمين الصحي.

300 مليون يورو من أين تأتي:
منذ أكثر من عامين ونيف كونت وزارة الصحة وجهات الاختصاص آلية لتوفير النقد الأجنبي لاستيراد الدواء والتي يشرف عليها بنك السودان المركزي إلا أن الآلية نجحت في توفير مبالغ لاستيراد الأدوية ولكن يظل هناك بوناً شاسعاً ما بين الحاجة وما تضخه الآلية من مبالغ وإن عجز الحصول على النقد الأجنبي مازال مستمراً مما دعا عشرات الشركات المستوردة للدواء أن توقف نظام البيع الآجل.

الـ10% من عائدات الصادر نقطة من محيط:
قررت الآلية المذكورة استقطاع نسبة (10%) من عائدات الصادرات غير البترولية لجهة استيراد كميات من الأدوية. وأن النسبة تعد وحسب خبراء في مجال الدواء نقطة في محيط مما دعا اتحاد الصيادلة ومجلس الصيدلة الاتحادي إلى المطالبة باستقطاع نسبة أخرى من عائدات صادرات الذهب السوداني وحتى يومنا هذا فإن هذا المقترح قيد التداول ولم ير النور وإذا ما تم تطبيقه لساهم بشكل كبير في تغطية الفجوة.

التسول بالرشتات:
بدأ واضحاً أن ارتفاع أسعار الأدوية أدى إلى ظهور ممارسات سالبة على رأسها التسول بالروشتات ، وتكشف جولة نفذتها الصحيفة على عدد من الصيدليات المتاخمة لحوادث مستشفى الخرطوم عن تنامي هذه الظاهرة منها لمن هو محتاج للدواء وآخرون غرضهم الاحتيال ليس إلا والتي تم اكتشافها من قبل صيادلة عاملين بتلك الصيدليات.

تقليل الجرعة لضيق ذات اليد:
يشير بروفيسور رشيد محمد عبد الله الخبير في مرض السكري إلى أن ارتفاع أسعار الأنسولين المعالج للسكري وعدم قدرة كثير من المرضى على تحمل نفقاته أدى إلى تقليل المرضى إلى الحصة وهو شراء نصف الكمية المحددة للوصفة الطبية مما يؤدي إلى حدوث مضاعفات لمرضى السكري مطالباً جهات الاختصاص بضرورة إعفاء الأنسولين من الجمارك والضرائب باعتبار أن الأنسولين في دول أخرى يقدم مجاناً ومدعوماً، وذلك على خلفية الزيادة المزعجة والمقلقة في أعداد المصابين بالسكري.

الدواء البديل قصة جديدة:
يضطر عدد كبير من المرضى إلى البحث عن الأدوية البديلة خاصة أن هناك عدة أدوية أصيلة توقف استيرادها وأن شركات مستوردة للدواء أوقفت البيع الآجل وساهم هذا الأمر قبل عدة أشهر في انعدام أنواع مهمة من قطرات العيون والتي توفرت مؤخراً بعد أن حبست أنفاس عدد من مرضى العيون خاصة الذين تجرى لهم عمليات جراحية.

الدواء المجاني وخيانة الأمانة:
أحدث تصريح وزيرة الدولة بوزارة الصحة د. سمية أُكد والذي ذهبت فيه إلى أن عدم وصول الدواء المجاني لمستحقيه خاصة الأطفال دون الخامسة يعد خيانة أمانة واصفة الأمر بالمخالفة التي تستوجب أن يحاسب عليها الجميع.

رئيس اتحاد الصيادلة يوضح الحقائق:
يقول د. صلاح الدين إبراهيم عبد الرحمن رئيس الاتحاد المهني للصيادلة السودانيين لـ «ألوان» إن شح الأدوية أسبابه واضحة وأن دراسة أجريت واعتمدت لدى منظمة الصحة العالمية أشارت إلى أن المبررات واضحة وهي الأسباب الاقتصادية التي تعيشها البلاد.
وتؤكد الدراسة أن الدواء قبل انفصال دولة جنوب السودان وفي العام 2005م تحديداً كان متوفراً بنسبة (90%) في القطاع الخاص وفي عام 2012م وصلت النسبة إلى (58%) في ذات القطاع ويشير صلاح الدين إلى أن الدراسة التي اعتمدتها وتابعتها مسئولة قسم أسعار الأدوية بمنظمة الصحة العالمية اعتمدت على «3» مؤشرات أولها جودة الدواء وتوفره وأسعاره والمقصود بالأخيرة مدى مقدرة المواطن على توفرها. ويرى رئيس اتحاد الصيادلة أن فجوة الدواء في القطاع العام (42%) وأن الإمدادات الطبية غير مضمنة في هذه النسبة والمقصود بها الصيدليات بالمستشفيات الحكومية والصيدليات الشعبية.

الأدوية المغشوشة حكاية ظاهرة عالمية:
يؤكد رئيس اتحاد الصيادلة السودانيين أن أية دولة في العالم بما فيها المتقدمة يوجد بها أدوية مغشوشة إلا أن تلك الدول لديها من الآليات ما تكبح به جماح هذه الظاهرة ويؤكد إبراهيم أن نسبة الأدوية المغشوشة في بعض دول الجوار(70%).
نظام لضبط الأدوية المغشوشة ولكن.

يميط صلاح الدين اللثام عن مقترح دفع به اتحاد الصيادلة العرب لجهات الاختصاص بالسودان من شأنه إنشاء نظام للكشف عن الأدوية المغشوشة بالسودان وتم عرض هذا النظام على جهات الاختصاص بيد أنه لم يجد حظه من التنفيذ وأن الاتحاد في انتظار قرار السلطات الصحية بالبلاد لإطلاق هذا النظام.

الشركات المسجلة رسمياً براءة من الأدوية المغشوشة:
يرى خبراء في الشأن الصيدلاني أن وكلاءها لا يغامرون بسمعتهم لاستجلاب الأدوية المغشوشة وأن الأدوية المغشوشة تدخل للبلاد عن طريق تجار الشنطة والتهريب ويتم اكتشافها عبر الصيادلة وهي تشبه إلى حد كبير الأدوية الأصلية ولكن فعاليتها ليست بالجيدة وفيها خطورة على صحة المواطنين .

حلم المستودع الكبير:
دفع اتحاد الصيادلة ومجلس الأدوية الاتحادي بمقترح لإنشاء مستودع ضخم بمطار الخرطوم والذي يشيِّد عبر منحة من برنامج الأمم المتحدة للسكان، ويشير رئيس اتحاد الصيادلة إلى أن كل الجهات المذكورة تعاقدت على إيجاد مخزن ضخم داخل مطار الخرطوم لمدة 30 سنة والذي يتم فيه تخزين الأمصال والأنسولين. ويؤكد إبراهيم أن بقيام هذا المستودع ستحل جملة من إشكالات التخزين وسيتم خلاله الكشف عن أي دواء يدخل عبر مطار الخرطوم تحت إشراف المجلس الاتحادي للصيدلة والسموم.

الأسواق تنشط:
ثمة مخاوف ضربت أطراف المدينة من تنامي انتشار الأدوية المغشوشة وما تسببه من مشاكل للمرضى بالبلاد، وذلك على الصعيد الصحي، بالإضافة لمخاطرها على الاقتصاد السوداني. لأنها لم تكن وليدة اليوم، بل ظهرت الأدوية المغشوشة قبل فترة ليس بالقصيرة، وسبق وان شكت الجمعية السودانية لحماية المستهلك مما تصفه بـ”التهاون الرسمي” إزاء تطبيق القانون، محملة الحكومة مسؤولية انتشار الأدوية المغشوشة، ومحذرة في الوقت ذاته من آثار ذلك على حياة المواطنين. وعلى الرغم من العقوبات الرادعة التي يواجهها المتلاعبون في الدواء، فإن السوق السودانية لا تزال تشهد نشاطا لما يطلق عليها البعض اسم “مافيا الدواء المغشوش”.

وبدا رئيس جمعية حماية المستهلك وممثلها في المجلس القومي للأدوية والسموم نصر الدين شلقامي في تصريحات صحفية سابقه بأنه غير متفائل بإمكانية معالجة المشكلة على الأقل في الوقت الراهن، وذلك لأن الأدوية المغشوشة ظلت تدخل البلاد بطرق مختلفة ودون توقف، بحسب قوله.
ففي مايو الماضي أطلق وزير الصحة ولاية الخرطوم مأمون تصريحات نارية مقرا فيها بوجود عدد من شركات أدوية غير ملتزمة بجودة وحفظ الأدوية ومراقبتها فضلاً عن وجود أدوية مغشوشة وأخرى منتهية الصلاحية. وكشف حميدة في تصريح صحفي في ذلك التوقيت، خلال تفتيش الوزارة لـ”30″ صيدلية بالخرطوم قال إن 40% من أدويتها منتهية الصلاحية وأخرى غير مسجلة مؤكداً وجود أدوية مغشوشة”مهربة” أشار إلى أنها متداولة في الصيدليات.ليستشهد صيدلاني فضل حجب هويته بان الوضع الدوائي في البلاد مأزوم، لان الضمير للعديد من المتعاملين في السوق الأسود الأدوية معدوم، وقال لـ(ألوان) أمس: فكل القرائن والبراهين أشارت إلى أن أننا سندخل في نفق معظم فيما يلي الأدوية المغشوشة التي انتشرت كانتشار النار في الهشيم، وأبان بان الأمر يستدعي جلوس كافة المهتمين وذو الاختصاص في طاولة للت فاكر في كيفية مكافحة الأدوية المغشوشة التي تهدد حياة الكثيرين، معرباً عن أسفه لبطء السلطات في وضع الخطط الاحترازية قبل الاستفحال الذي صعب من مهمة مكافحة الأدوية المغشوشة. وأعرب عن قلقه حيال استمرار تدفق الأدوية، وقال بأنها لا تقل خطورة عن المخدرات لأنهما يجتمعان كونهما سموم. وأضاف بالقول: هناك نوع كبير من التضجر يبديه الصيادلة حيال عمليات التسجيل الجارية للمصنفات الدوائية، فكلما توسعت حالة التسجيل، صارت الفرص مفتوحة أمام الموردين في خيارات جلب بدائل لدواء محدد بأنواع أخرى قادرة على إحداث نفس الأثر لكن بسعر أقل وبكفاءة عالية. لذا فإن النقص في عمليات التسجيل يورث غلاء فاحش، وندرة تقود إلى الاحتكار، وعند هذه المرحلة تحديداً يجد المهربين ضالتهم في إدخال الدواء المغشوش ليحققوا ثروات طائلة وعلل قد يستحيل تطبيبها.

القانون الأمريكي يعرف:
يعرف القانون الأمريكي الأدوية المغشوشة بأنها تلك المواد التي تباع تحت مسميات. غير مرخص بها من قبل السلطات المختصة المخولة لذلك. والغش قد يتضمن المنتجات التجارية براند و الجنريك (الاسم العلمي أو النوعي , حيث مصدرها فيه تمويهه يأتي بطريقة تبدو لناظرها أنها أصلية. والمنتج المغشوش قد تتضمن المنتجات: أولا بدون المكونات الدوائية الفعالة, أو بكميات غير كافية منها، أو كميات أكثر من المطلوب منها,د ثانيا مع المقادير الفعالة المخطوأة ، أو بأغلفة مزورة.فغش ألأدوية يمثل كارثة عالمية فهو شائع في كثير من البلدان في العالم ويمكن تشبيه ذلك بالثلاجات الطافية على سطح البحر التي لا يعرف مدى عمقها. وذلك للأسباب أهمها، من الصعوبة بمكان أن يكتشف ويصعب كيفية معرفة مدى انتشاره بسهولة. ويقول الخبراء ما ذكر يعتبر غيض من فيض لذلك يمكن القول هنا أنه يصعب أن نعرف أو حتى أن نقدر نعرف الحقيقة كاملة و انتشارها فهي تبدو لنا أحيانا” مثل النار بالهشيم.أو مثل الثلاجات البحرية تشاهد الجزء العائم ولا تلاحظ الغاطس منها. ويقول الخبراء إن ما يعرف عن غش الأدوية انه موجود على نطاق العالم ولكنه أكثر انتشارا” في الأقطار النامية. وتقدر منظمة الصحة العالمية (who) أن مقدار انتشار الأدوية المغشوشة يتراوح بين أقل من 1% في البلدان المتطورة و إلى أكثر من 30% في بعض البلدان النامية.

تحذير الخبراء:
حذر خبراء دوليون مستهلكي الأدوية المصنعة عالميا من أن كميات ضخمة من الأدوية المزيفة والمغشوشة في مكوناتها تغرق أسواق العالم، بما في ذلك المنتجة من دول شرق آسيوية، والمصدرة عبر شركات أوروبية.. وهو ما يعني أن على المرضى ألا يتوقعوا دوما شفاءً سحريا من أمراضهم إذا تناولوها، وأن يحتاطوا عند شراء أي دواء.. ومع أن الظاهرة ليست جديدة فإن آلافًا من النيجيريين لقوا حتفهم في صمت في عام 1995 بسبب زيف عقار لعلاج مرض بأغشية الدماغ، إلا أنه ليست هناك مبادرات دولية كافية لوقف هذا الشبح المخيف الذي يهدد صحة مرضى العالم، وقد يفشل مساعي دولة ما لإيقاف زحف وباء معين، ولا يقل خطره عن شبح المخدرات.. في ذات المنحى حذر خبراء عالميون مستهلكي الأدوية من أن كميات ضخمة من الأدوية المزيفة والمغشوشة في تركيبها تغرق أسواق العالم، وهو ما يعني أن على المرضى ألا يتوقعوا شفاءً سحرياً من الأمراض التي يعانون منها إذا تناولوها، وأن يأخذوا كافة أساليب الحيطة والحذر عند شراء أي دواء. مع أن هذه الظاهرة ليست جديدة فإن الآلاف من الناس حول العالم لقوا حتفهم في صمت بسبب زيف عقاقير معينة لعلاج بعض الأمراض، إلا أنه ليست هناك مبادرات دولية كافية لإيقاف هذا الشبح المخيف الذي يهدد صحة المرضى في العالم، وقد يفشل مساعي الدول لإيقاف زحف مرض أو وباء معين. بحسب ما جاء في منتديات القمة الاكتروني.

أبو بكر محمود
صحيفة ألوان

Exit mobile version