وحدة المؤتمرين الوطني والشعبي ليس من مصلحة الإسلام والسودان
لو استلم العلمانيون الحكم فستدخل البلاد في فوضى
الصادق المهدي لاعب رئيسي طوال نصف قرن من السياسة لم ينجز فيها شيئا
مايو كانت تخشى الإسلاميين أكثر من غيرهم لذا اعتقلت منهم أكثر من بقية الأحزاب
بعد المفاصلة استبعدت من الوزارة لأنني كنت مصنفاً كقريب من الترابي
حذر القيادي بالمؤتمر الوطتي أمين حسن عمر من وحدة الإسلاميين وخاصة المؤتمرين الوطني والشعبي وقال إن وحدة القصر والمنشية ليست من مصلحة السودان ولا الإسلام ولا الإسلاميين، مشيرا إلى أن هناك فرقا بين الإسلاميين وبين الأحزاب السياسية، مؤكدا على عدم خلود أي حزب في الحكومة، وقال عمر في حوار مع “التيار” “من مصلحتنا أن تكون المعارضة إسلامية فإذا فقد الشعب ثقته لأي سبب في قدرتنا على الإدارة فليكن البديل إسلاميا، لكن إذا أصبح البديل علمانيا فإن البلد سوف تدخلها الفوضى وشبابنا بمئات الآلاف لن يقبلوا حكومة علمانية تلغي الشريعة وأسس الدستور” وقلل أمين من تحركات ولقاءات الإمام الصادق المهدي في الخارج، وقال إنها لا تقلقه ولكنها تقلق أناسا آخرين لم يسمهم، وتساءل أمين عن إنجازات المهدي طوال نصف قرن قضاها لاعبا رئيسيا – كما قال – في السياسة السودانية . وعن الترابي قال أمين إنه جاء إلى الحوار بعد ما شعر أن المعارضة التي يتحالف معها هي معارضة واهية ومعارضة رمال، بعد أن أيَّد حلفاؤه السابقون انقلاب مصر، مشيرا إلى أن الترابي علم أن هؤلاء إنما يكيدون للإسلاميين فقط وليسوا صادقين في معارضتهم بدليل تأييدهم لما حدث في مصر.
*الحوار الوطني يبدو المستهدف به الخارج وليس الداخل؟
لا يوجد هناك شيء اسمه خطابا داخليا أو خارجيا في السياسة، الخطاب للجميع، كل من هو معني يخاطب به لو كان خارجيا أو داخليا.. وإذا كان هناك شخص مؤثرا في أي طرف من الأطراف أيضا سيخاطب، أما وزنة الخطاب صعبة جدا، أما أن الخطاب مقصود به كل الأطراف، نعم هذا خطاب مقصود به كل الأطراف، لأن الأطراف المؤثرة في السودان والتي يهمها أمره متعددة داخليا وخارجيا. وإقليميا ودوليا.. أيضا الطرف الآخر وهم متهم من قبل الحكومة أنه يعول تعويلا كبيرا جدا على الطرف الخارجي، لا يعول على أدوات داخلية سواء جماهيرية أو فكرية، ومخاطبة الخارج.
في تقديري أنا كطرف يصدق في المعارضة الخارجية أكثر مما يصدق على الحكومة ومعارضة الخارج يصدق عليها هذا الأمر.
*ألا يقلقكم تحرك الصادق المهدي في الخارج؟
أنا شخصيا لا يقلقني أبدا تحرك الصادق المهدي، قد يقلق أناسا آخرين أما أنا فلا، لقد أدرك الناس بعد سنين طويلة شخصيته وحللوا أفكاره، وكل هذه الأماكن التي يحاور فيها ليس له فيها أي قاعدة اتفاق أو انطلاق، لا في مصر ولا في الخليج وحتى إيران، لأنه اعتاد أن يفعل موقفا يبيع به شيئا كبيرا، ثم يفعل موقفا آخر ينقض به ما باع.
*مثل ماذا؟
كل شيء، طوال سلوكه السياسي عبر أكثر من خمسين سنة، نصف قرن من الزمان وهو لاعب رئيسي كأقل وصف له حيث دخل رئيسا للوزراء عام 65 والصادق المهدي طوال هذه المدة لم ينجز شيئا، ماذا فعل خلال هذه المدة الطويلة، كل الآخرين غير الصادق وضعهم مكنتهم في السياسة السودانية اقل من الصادق، كلهم تبدلوا وتغيروا حتى أولاد الميرغني، الجبهة الإسلامية والجميع تبدلوا وتغيروا، حتى عندما كانوا موجودين لم تكن لديهم مكنة أساسية ولم يكونوا لاعبا رئيسيا مثل الصادق الذي دخل رئيس وزراء، وظل يعتبر نفسه لاعبا رئيسيا. وبالرغم من هذا لم ينجز شيئا. ماذا أنجز؟.
*متى أصبح الترابي لاعباً أساسياً في رأيك؟
عندما كان معارضا رئيسيا يعتد به وهذه بدأت في النصف الثاني من مايو، ومايو كانت تعتبر أن الطرف الرئسي الذي كان يهددها ليس الأحزاب بل التيار الإسلامي، لذلك كان عدد المعتقلين في 69 من الإسلاميين أكثر من الأحزاب مجتمعة، لكن في واقع الحال في السياسة التي تؤثر على حياة الناس كانت هذه الأحزاب هي الحاكمة، والحركة الإسلامية لم تزد قيمتها إلا عندما كانت في المعارضة، لأن لديها أدوات جماهيرية، وهذا الفرق بينها وبين الأحزاب الأخرى، الحركة الإسلامية لديها أدواتها الفكرية والجماهيرية وهي ما لم تملكه الأحزاب.
*ظللت لصيقا بالترابي لفترة طويلة، هل كنت من الموقعين على مذكرة العشرة؟
أنا من صنعها لكنني لم أوقع عليها وأمتنعت عنها، مذكرة العشرة كتبها أربعة أشخاص سيد الخطيب وعلي كرتي والمحبوب عبدالسلام وشخصي، وهذه نتيجة لاجتماعات سابقة لنا مع الترابي، مرة في بيت ياسين ومرة في منزل كرتي، وحينها قال الترابي لنا لماذا تعرضون آراءكم علىَّ سراً، وتحدانا أن نفعلها علنا، اجتمعنا بعدها في هيئة الأعمال الفكرية وقررنا تكوين لجنة، وكتبنا المذكرة، اختلفت والمحبوب عبدالسلام معهم لمن نسلم المذكرة، لرئيس مجلس الشورى أو الرئيس لسببين، السبب الأول لو قدمناها للرئيس فسيعتقد أنها مؤامرة لأن الموقف حينها كان في بداية تأزمه ولم ينفجر بعد، أما السبب الثاني أنه كان هناك أصلا أزمة، حتى أن الأزمة أخذت بُعدا شخصيا، لذلك نصحناهم بأن يقدموا المذكرة للشيخ حسن، لكنهم كانوا معترضين لأنهم حسب قولهم إن الشيخ حسن لم يكن ليعمل بها وسيقلل من شأنها واختلفنا اختلافا شديدا، ثم قلنا لهم إن أردتم أن تعملوا مذكرة وتقدموها للرئيس لا تفعلوها هنا اخرجوا من مقرنا هذا، ثم خرجوا إلى مركز الدراسات الإستراتيجية لبهاء الدين حنفي، سيد وكرتي فقط.
*أخذوا نفس المذكرة التي صغتموها سويا؟
نعم المذكرة أصلا لم تتغير كثيرا، حنفي اقترح عليهم أن يدخلوا غازي كطرف رئيسي وفعلا اجتمعوا مع غازي وأصبحوا أربعة – استبدلنا، واخذوا المذكرة وذهبوا بها الرئيس، قابلهم بكري حسن صالح -اعتقد أن بكري حينها كان وزير شؤون الرئاسة، قال لهم ماذا تريدون من الرئيس قالوا له لدينا أمر تنظيمي، فقال لهم أنا أيضا في التنظيم ما هو الأمر، فاروه المذكرة، قال أنا معكم أيضا وبينما هم جلوس الخمسة جاء مجذوب الخليفة، وعندما اطلع على المذكرة قال ينبغي أن تكون لها (وزنة) حتى تمثل ويكون لها قيمة، فندخل (الناس القدامى) أ إبراهيم أحمد عمر، ومن ناس دارفور (تورين) وهكذا.. ثم – تموا القصة – اتصلوا بهم ووقعوا وأصبحوا عشرة وأعطوها الرئيس، علي عثمان محمد طه، كان رافضا. هو سمع بالمذكرة ولكنه لم يوافق عليها، المذكرة نفسها أجازها مجلس الشورى بالإجماع بعد تقديمها، والحقيقة أن المذكرة في حد ذاتها لم تكن المشكلة، المشكلة كانت في تفسير الشيخ حسن لها، بأنها مؤامرة والدليل تركيبة المذكرة، يعني لو قدمها سيد الخطيب وعلي كرتي لم تكن هناك مشكلة لأننا جلسنا وتناقشنا معه بالساعات الطوال سواء في منزل يس أو علي كرتي، ولكنها بهذا الشكل تعتبر مختلفة، ولذلك كان الشيخ قد أعلن أنه سيترك البرلمان، لكنه بعد المذكرة رفض أن يترك البرلمان، وبدا يستخدم البرلمان لإدارة المعركة، وكانت القضية الأولى لتعيين الولاة، الرئيس اعتقد أن عدم تعيينه للولاة أن الشيخ حسن مسيطر على الحزب، والحقيقة أن الطرفين لم يكن لديهما خلافا من الناحية الفكرية، لكن الخلاف كان سياسيا، أنا طبعا أبعدت من الوزارة لأنني صنفت بأني قريبا من الشيخ حسن، لأنه عندما حل البرلمان، كنت الوحيد الذي ذهب إليه وجلسنا معه في المؤتمر الوطني، وعند ما اخرج قرار حل البرلمان كان هناك أربعة أشخاص معترضين عبدالله حسن أحمد ومكي بلايل وعبدالرحيم حمدي.
*هل كان الشيخ حسن لديه علم بقرارات رمضان قبل وقوعها؟
لم يكن لديه علم بذلك، ولقد فوجئ بها، الشيخ حسن كان يتوقع من الرئيس أن يقدم استقالته وهذا الأمر الراجح حينها، وفعلا الرئيس نوى أن يقدم استقالته وكان هذا هو الاتجاه الأساسي، لكن الذين حوله رفضوا وقالوا له لو فعلت ذلك فهذا معناها سلمنا الحكم ومعناها أن الشيخ حسن سيبعد الجميع الذين لديهم تحفظات، وهيئة الأركان وقتها كان من المرجح أن ولاءها للشيخ حسن وهم أربعة أشخاص، ولم يكن هذا الترجيح له (أداة موضوع) أو حتى له أثر.. لكنه ترجيح، وقد كانوا جميعا من الغرب، والشيخ طبعا متبني قضية الغرب حتى انشأوا كيان (غرب السودان) لكن في تقديري أن الرئيس فعلا كان ينوي تقديم استقالته لكن الجيش اعترض.
*عاد الترابي مرة أخرى للحوار مع الرئيس ووافق مع رفضه سابقا. كيف تنظر إلى هذا الأمر وهناك من يُسمي الحوار حكوميا حكوميا؟
لماذا.. ما نتحاور.. هم (غيرانين)، فيأتوا إلى الحوار لو أغلقنا الباب دونهم (معليش) لكن في حوار بين الترابي وبين البشير وفي لجان سبقت هذه الحوار والقصد منه التوصل إلى كلمة سواء وتفاهم وهذا أصل السياسة، والشعبي في وقت من الأوقات كان متصلبا لأنه كان يعتقد أنه في حلف قوي مع المجموعات المعارضة، ولكن عندما جاء موضوع مصر اكتشف أن هذا الحلف وهمي لأن هؤلاء لم يكونوا مبدئيين إذ يتحدثون عن انقلاب في السودان ويؤيدون الانقلاب في مصر، يتحدثون عن الحرية في السودان ويمنعون حرية الأحزاب التي اتى بها الشعب في مصر، اكتشف الترابي أن هذا التحالف تحالف رمال، هذا تحليلي.
*ما حدث في مصر جعل الشيخ يعيد حساباته مرة أخرى؟
الشيخ حسن اكتشف أنه محتاج لتحالف إما مع موالٍ أو مناوئ، أما المناوئ فقد اكتشف أنه غير مبدئي، وأن موقفهم ضد الإسلاميين هو موقف انتهازي يمكن أن يعبر فوق أي موقف مبدئي آخر، فكرة الانقلاب تكون مقبولة ومصادرة الحريات تكون مقبولة وتسييس القضاء يكون مقبولا كل شيء مقبول طالما أنه ضد الإسلاميين وهو من الإسلاميين فما الذي يجعله يستند مع هؤلاء في تحالفهم أو أن خياره التالي أن يقاوم لوحده، وهو يدرك أن السياسة عبارة عن توازن قوى، الحوار ليس معناه الاتفاق فمن الممكن أن يتحاور مع الحكومة فإذا اكتشف أن العرض الذي قدم غير مجدٍ ولا يستحق أن يقدم أوراقه فسينسحب، ليس هناك عقد.
*تدور الآن في الساحة مسألة توحيد الإسلاميين. هل هذه كل المشكلة الآن؟
الناس يتخوفون من هذا الأمر، ولكن في تقديري الشخصي أنه ليس من مصلحة السودان ولا الإسلام ولا الإسلاميين أن يتوحد المؤتمر الشعبي والوطني.
لماذا؟
لأن هناك فرقا بين الإسلاميين وبين الأحزاب السياسية، لا يوجد حزب يخلد في الحكومة ومن مصلحتنا أن تكون المعارضة إسلامية، فإذا فقد الشعب ثقته لأي سبب في قدرتنا على الإدارة، فيكون البديل إسلاميا، لكن إذا أصبح البديل علمانيا فإن البلد سوف تدخلها الفوضى وشبابنا بمئات الآلاف لن يقبلوا حكومة علمانية تلغي الشريعة وأسس الدستور، أي دستور لديه ما قبليات، وما قبليات الدستور هي الأشياء التي يقبلها عامة الناس، لا يوجد سوداني يقبل بدستور ليس فيه اعتبار للشريعة، حتى في زمن منصور خالد كتب الشريعة، وحتى نميري، لماذا لأنهم يعلمون أنه إذا جاءت علمانية متشددة كالذين نراهم الآن فستخلق فوضى في البلاد وستدخل البلاد في احتراب لأن السياسة لابد أن تكون على قدر من التوافق وقدر من الاختلاف، فإذا كانت كلها توافق لن تكون سياسة سيكون التنافس على المناصب وإذا كانت كلها اختلاف فسينهار النظام الأساسي ولذلك لابد للناس أن يفهموا أن السياسة لابد أن يكون فيها التوافق والتخالف فإما أن يتوافق الإسلاميون بأن لا نؤذي بعضنا ويعذر بعضنا بعضا فهذا أساس للاتفاق ونحن كإسلاميين نتفق في الدعوة، السياسة بطبيعتها فيها اختلافات وتقديرات، أنا وأخي في المنزل من الممكن أن نختلف في المنزل، لكن الدعوة ليست كذلك ولا الفكر الإسلامي نتعاون في الدعوة وفي الفكر الإسلامي ونتفق على هذا، وهذا أن لم نكن قطعيين وحديين في الأمور السياسية نستطيع فعل شيء، لكن إذا أصبحنا أعداءً في السياسة لن نفعل شيئا، أنا شخصيا اعتقد أن هدف المقاربة الراهن هي تفعيل العمل الثقافي الفكري الدعوي بين الإسلاميين بتخفيف حدة الصراع السياسي أما الاندماج السياسي لو شاورونا به بالتصويت أنا ضد هذا الاندماج.
حوار: عثمان ميرغني – عطاف عبدالوهاب
التيار