السؤال أعلاه يتداوله كثير من الناس العقلاء خاصة هذه الأيام التى يتحدثون بأسى وأسف شديد بسبب الانحدار والتخلف والتقهقر الذى وصلنا اليه. الوضع الاقتصادى والمعيشى صار فى أسوأ حالاته من ركود اقتصادى لدرجة تجد حتى الذين يملكون الأموال والأعمال التجارية و الزراعيىة والصناعية والخدمية و الأصول العقارية يجأرون بمر الشكوى من انعدام السيولة وشبه توقف عن العمل بسبب الركود الذى خيم على الأسواق. أما أصحاب الشهادات والمؤهلين سواء الذين أفنوا زهرة شبابهم فى العمل المهنى بمختلف ضروبه او التعليم العام والعالى خرجوا باعداد ضخمة للخارج يلتمسون العمل بعد أن وجدوا ان مايحصلون عليه من دخل لا يقابل أبسط احتياجاتهم واحتياجات أسرهم فى العيش الكريم وأبنائهم فى التعليم الجيد بل وجدوا ان فرصهم فى الترقى وفق كفاءآتهم وخبراتهم لا مجال لهم ولا فرص أوسع حيث أن تلك الفرص مخصصة ومحتكرة لأهل الولاء والطاعة والالتزام التنظيمى لا لأهل الكفاءة والخبرة فلماذا ينتظرون والفرص خارجا متوفرة وبشروط خدمة وبيئة عمل أفضل بكثير.. لقد آثروا الاغترب ومفارقة الأهل والأصدقاء والوطن. وفقد الوطن جراء ذلك الكثير والكثير، اغتربوا وهاجروا ولسان حالهم يقول: ابك يابلدى الحبيب.. للأسف المستفيدون الوحيدون الذين آثروا البقاء هم الذين يجيدون حرق البخور والتصفيق والهتاف والذين يمارسون النفاق وهؤلاء أقل كفاءة وعلما و أقل احتراما للعمل الشاق… لهذا نرى الخدمة المدنية تتدهور والفساد يطبق عليها، يقول لك الناس لا تستطيع أن تنجز عملا الا أن تدفع وتدفع ( التسهيلات) وهى اسم الدلع للرشاوى.. ليس فى الخدمة المدنية وحدها بل حتى فى الخدمة النظامية، فقد حكى لى أحدهم كيف أنه يحاول الحصول منذ أيام على تأشيرة الخروج ويذهب فى الصباح الباكر ويعود بخفى حنين. والأغرب من ذلك أن مجلس الوزراء بكامل عضويته قد أجاز قبل سنوات الغاء تأشيرة الخروج ولكن المستفيدين من وجود التأشيرة استطاعوا أن يلتفوا حول القرار ويستبدلوها بورقة خارجية هى طبعا أكثر كلفة من طباعة التأشيرة فى الجواز!! تصوروا تأشيرة حتى عبر هذه الورقة لا تكلف أكثر من جنيه واحد تمنح بثمانين جنيها!!؟؟ ( هل يعلم القارئ أنه لم يكن هناك تأشيرة خروج منذ الاستقلال حتى عام 1966 طبقها وزير الداخلية آنذاك) ورغم ذلك يعانى الناس فى استخراجها رغم الجواز الالكترونى!! ماذا يعنى ذلك غير عدم الكفاءة أو الفساد الذى ضرب جميع مؤسسات الدولة.. للأسف نحن لا نحترم الوقت ولا العمل ولا القانون ولا الدستور الذى كثيرا ما يتعرض للاغتصاب وتعطيل دوره الحقيقى حيث لا شفافية و لا فصل حقيقى فى السلطات ولا مساءلة حقيقية فلا غرو أن ينتشر الفساد والنفاق والكذب والتضليل.. واذا كان الناس منذ القدم يتجادلون هل البيضة هى التى أنتجت الدجاجة أم أن الدجاجة هى التى أنتجت البيضة؟ فاننى بدورى أتساءل هل الفساد هو الذى أنتج النفاق أم النفاق هو الذى انتج الفساد؟؟
الجريدة