دعوة الحركات والأحزاب الممانعة للانضام إلى الحوار الوطني الذي اقترب موعده ليست مثل دعوة (معازيم) لحضور مراسم عقد قران أو (سماية) حتى تكتفي آلية 7+7 المفوضة بالقيام بهذه المهمة بإطلاق تصريحات صحفية بين الحين والآخر، تضاف إليها مثل توجيهات المكتب القيادي للحزب الحاكم التي صدرت يوم الخميس بتكثيف الاتصال مع الأحزاب والقوى السياسية المختلفة لحثها على المشاركة في جمعية الحوار العمومية المقرر عقدها في العشرين من هذا الشهر.. لكن لا شيء يحدث عملياً ولا جديد على أرض الواقع. نعم مضى وقت طويل نسبياً منذ طرح مبادرة الحوار ومضى أيضاً وقت غير قصير منذ إطلاق أول دعوة للمغادرين والممانعين للعودة إلى الطاولة التي فارقوها بعد أيام معدودات من مجيئهم إليها، الوقت الذي مضى كان كافياً، لكن في الواقع لم يتم استثمار كل هذا الوقت في محاولة إقناع قيادات تلك الأحزاب والاتصال بهم بشكل مكثف لإشراكهم وضمهم للحوار.. الوقت مضى وتم تأجيل موعد انطلاق الحوار أكثر من مرة لكن حماس الحكومة وحرصها على مشاركة تلك الأحزاب والحركات لم تعبر عنه جهود ملموسة أو محسوسة من جانب الحكومة، التي كان بمقدورها على الأقل السعي لفك الارتباط والتحالف غير المنسجم بين الصادق المهدي والحركات المسلحة وكان عليها استثمار انتصاراتها على الحركات المسلحة في الميدان استثماراً سياسياً لأن الهزيمة درس مفيد للمهزوم يجعله يعيد حساباته من جديد.. اعتماد الحكومة على جهود آلية 7+7 وتفويضها بهذه المهمة لم يكن مفيداً في شيء لعدم قدرة معظم هذه الأحزاب على إقناع القوى الممانعة وكذلك عدم حماسها للقيام بهذا الدور الذي قد تكون نتيجته بحساباتهم الخاصة على مستوى المصالح والمكاسب المتوقعة من الحوار خصماً عليهم في حالة دخول أحزاب ذات وزن أكبر منها وفي حالة زيادة عدد القوى المشاركة في الحوار عن العدد الموجود حالياً. للأسف هذه الحسابات موجودة بالفعل في أذهان بعض تلك القوى المشاركة في الحوار من الذين لا يتمتعون بوزن سياسي أو جماهيري مؤثر وبالتالي تكون وضعيتهم في حالة غياب الأحزاب الكبيرة أو الحركات المؤثرة أفضل من وجودها ومشاركتها معهم في الحوار. كنا في الماضي نكرر مطالبتنا للحكومة والحزب الحاكم بالتريث وعدم الاستعجال لعلهم يظفروا بمشاركة أوسع لكن لو كان الانتظار بهذه الصورة السلبية التي نراها فلن يغير التأخير شيئاً في مشهد المشاركة في الحوار الوطني.. هذا المشهد المتجمد والثابت لن يتغير بهذه الطريقة وسيتم عقد الحوار على الطريقة الكرنفالية التي تحقق المظهر وتؤجل الحل وقد توفر عذراً للحكومة، لكنها تبقي على الأزمة السياسية والأمنية في حالها وقد ترهل الحكومة أكثر وتسد شرايينها بـ(الكولسترول). شوكة كرامة لا تنازل عن حلايب وشلاتين.