دعيت الى (جبنة ) الخميس—و لمة الجبنة أو القهوة تقليد متغلل في جذور السودانيين أهل الوسط—النصيحة لم أسمع به عندنا في الشمال—ربما لأن للشاي سطوته هناك —هنا في وسط السودان –تجتمع النساء لشرب القهوة منذ القدم طقس من الطقوس التي تحدث باسمها (الفضفضة) –والشكية من الرجال وهموم العيال –وخلاله يتم الاتفاق على (الختة) واول صرفة—ولكن طقس القهوة والجبنة حاليا أصبح مرادفا للعرض والاستعراض بفاخر انواع البن وأخر موضات التياب و(العدة)—احترت واحتار دليلي في جميل اكواب القهوة والصواني في جبنة الخميس ولكني أيضا سعدت أيما سعادة بتلقي الدعوة للحضور ذلك انني بدات اخطو خطوات جيدة نحو المجتمع المخملي لنساء الحي –وكذلك ان الدعوة كانت في معقل الاحداث—بيت حاجة اصلاح –نسيبة فتح الرحمن شخصيا—(شفتوا الهنا اللي فيه)—الحقيقة لم أرى فيها عنجهية او ترفع فقد كانت بشوشة طلقة الوجه وكذلك ابنتيها جميلات وارستقراطيات الملامح –يتحدثن اغلب الوقت بالانجليزية –—كان الحديث مختلفة مشاربه وكعادة النساء تجد بين كل ثلاثة منهن موضوعا مختلفا ولكن الرادار يعمل في جميع الاتجاهات ويمكن لاحداهن الدخول في نقاش طرف بعيد –وتعود الى مجموعتها بدون اغفال نقطة—وهذه ملكة نسائية خالصة يحسدنا عليها (حملة الواي كروموسوم)—حاجة فايزة سألت زوجة فتح الرحمن (يا ندى نسابتك كيف؟)—ردت ندى بهدوء (—كويسين الحمدلله)—سمعت حاجة فايزة تقول (هن ساكنين وين ؟؟؟–غايتو كل يوم نسمع لينا بحي جديد—الناس ديل جونا زحموا لينا الخرطوم دي –بقينا ما عارفين نقبل وين)—رغم أنها كانت تتحدث عن نسابة ندى –لكن طرف السوط لمسني فوجدتني اقول لها (والله يا حاجة نحن ناس الاقاليم ذاتنا ما كنا سائلين في الخرطوم وكنا مرتاحين وعندنا كل الخدمات التعليمية والصحية يمكن افضل من الفي العاصمة –مدارسنا كانت بتتذاع قبل مدارس الخرطوم في الشهادة السودانية –المغتربين كانوا بيرجعوا يشتروا الأراضي في بلدهم ويبنوا بيوتهم جنب أهلهم في مدني وعطبرة والقضارف والابيض وحلفا—نحن في الشمالية كنا بنشتري صلصة كريمة وناكل منقة الباوقة وفول السليم وتمر نوري وسمك حلفا القديمة—الجابنا وجاب نسابة ندى وجاب القاعدين في الضواحي وطرف المداين –هو الشديد القوي —والليلة كان رجع الزمان زي ماكان –ما بتلقي زول قاعد في بلدكم الحارة دي)—ربما كنت قد انفعلت قليلا—ربما ارتفعت نبرة صوتى—وربما لشئ اخر لا اعرفه — ساد الصمت فجأة وتحولت كل الانظار الي — انتظرت ردة فعل ما —لم ترد احداهن –فقط لمحت شبح الابتسامة على وجه ندى الحزين —ومن ثم قالت بثينة جارتهم ( ما حكيت ليكم عن شيلة بت اختى اريتها شيلة بناتكن –قولن أمين) –ثم دارت فناجين القهوة وعادت مشارب الحديث –ووجدتني اردد بصوت خافت (في الضواحي وطرف المداين –يلا ننظر شفق الصباح)—وووصباحكم خير
مسلسل فتح الرحمن.. الحلقة الاولى: التسوي بي ايدك
مسلسل فتح الرحمن.. الحلقة الثانية: جئتكم من سبا بنبأ يقين
مسلسل فتح الرحمن.. الحلقة الثالثة: رجعنا لك
د. ناهد قرناص