قال أشرف عبد الغفار، القيادي بجماعة الإخوان المسلمين، إن الزمن لو عاد عامين للوراء، كان ثوار مصر، سيتخذون نفس القرار بالاعتصام، ضد قادة الانقلاب (إطاحة الجيش في 3 يوليو/تموز 2013، بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا”.
وأضاف عبد الغفار في مقابلة خاصة مع الأناضول، “الاعتصام يعد أرقى أشكال الاحتجاج الديمقراطي في كل أنظمة العالم، والمعتصمون أرادوا تحقيق إرادتهم بأن يكمل مرسي، الذي انتخبه أكثر من نصف المصوتين، مدته التي كفلها له الدستور، وهي 4 سنوات”.
وعن أماكن الاعتصام قال عبد الغفار، بشأن اختيار ميدان رابعة العدوية (شرقي القاهرة)، فهو اختيار صائب وخطأ في نفس الوقت، صائب لأنه وسط ثكنات عسكرية، تحيطك من كل جانب، وهي رسالة مفادها أنه اعتصام سلمي خالص، وخطأ لأنك سلمت رقبتك لخصمك الذي أجهض عليك بكل قسوة ووحشية وارتكب مذبحة غير متوقعة على الإطلاق”.
أما اختيار ميدان النهضة (غربي القاهرة) كمكان للاعتصام، فقال عبد الغفار، “المكان لم يكن موفقًا، لبعده عن المناطق المأهولة بالسكان، فهو محاط بحديقتي الحيوان من جهة، والأورمان من جهة ثانية، وجامعة القاهرة من جهة ثالثة، ووقت الاعتصام كانت الجامعة خالية من الطلاب لمصادفته وقت الإجازة الدراسية، وهو ما جعل الاعتصام ضعيفًا، ولم يكن على مستوى قوة اعتصام رابعة العدوية”.
وكشف عبد الغفار، أن اعتصام النهضة لم يكن مخططًا له مسبقًا، بل تم بناء على رغبة المتظاهرين، الذين انطلقوا بمسيرة حاشدة من مسجد خاتم المرسلين، بمنطقة العمرانية، بمحافظة الجيزة، نهاية يونيو/حزيران 2013، وانتهى بهم المطاف إلى ميدان النهضة، فاقترح بعضهم الاعتصام هناك، وكان هناك تفكير أكثر من مرة أن ننقل مكان الاعتصام، إلى ميدان مصطفى محمود بالمهندسين في الجيزة، كونها منطقة مأهولة بالسكان، لكن فضلت الأغلبية الاستمرار في النهضة”.
وأضاف عبد الغفار، “لم يكن أحد يتصور أن تكون هذه هي نهاية اعتصامات سلمية، كانت تبث فاعلياتها لحظة بلحظة على الهواء مباشرة، ولو كان هناك تحضيرات، أو تجهيزات غير سلمية، لظهرت للجميع، وهناك وفدان أحدهما من الاتحاد الأوروبي، والآخر من الاتحاد الأفريقي، زارا مكان الاعتصام، ولم يجدوا أسلحة كما كانت تشيع وسائل الإعلام التابعة للسيسي”.
ووصف القيادي بالإخوان، ما حدث يوم 14 أغسطس/آب 2013، بقوله، “لا يمكن أن نطلق عليه فض اعتصام، بل كانت إبادة جماعية، من قبل قوى شريرة، لم تراع أخوة وطن ولا دين”.
وردًا على ما تردد بشأن معرفة بعض مسؤولي الاعتصامات بموعد الفض ورغم ذلك أصروا على الاستمرار، قال، عبد الغفار، “أنا كنت المسؤول الميداني عن اعتصام النهضة، ولم أعرف أبدًا بموعد الفض، ولو كنا نعرف كنا أخرجنا النساء والأطفال، لكن ما تم هو أنه بعض صلاة فجر يوم 14 أغسطس/آب 2013، أبلغنا بعض الأخوة ممن انصرفوا بعد صلاة الفجر، أن هناك سيارات بث مباشر تقف على كوبري الجامعة القريب من مكان الاعتصام، وأن هناك حركة غير طبيعية، وتحركات لمدرعات وجرافات (بلدوزرات).
وعن خطة المعتصمين حال الفض، قال عبد الغفار،”كانت عندنا خطة بفتح أبواب كلية الهندسة بجامعة القاهرة للاعتصام بداخلها، وهو ما تم بالفعل، وساعد في تقليل عدد الضحايا والمصابين في ذلك اليوم”.
وفي 14 أغسطس/ آب 2013، فضت قوات من الجيش والشرطة بالقوة اعتصامين لمعارضي السلطات الحالية في مصر في ميداني “رابعة العدوية”، و”النهضة” في القاهرة، ما أسفر عن سقوط 632 قتيًلا منهم 8 شرطيين حسب “المجلس القومي لحقوق الإنسان” في مصر (حكومي)، في الوقت الذي قالت منظمات حقوقية محلية ودولية (غير رسمية) إن أعداد الضحايا تجاوزت الـ 1000 قتيل.
وفي سياق آخر، أكد عبد الغفار، أن مرسي لم يرفض إجراء انتخابات مبكرة كما يزعم البعض، قائلًا،” هناك أشياء لم تذكر، والدكتور محمد علي بشر(عضو مكتب إرشاد بجماعة الإخوان، ووزير التنمية المحلية في عهد مرسي)، حمل رسالة من بعض الشخصيات الوطنية البارزة لمرسي (لم يحددها)، تتضمن المطالية بإقالة حكومة هشام قنديل (من 2 أغسطس/آب 2012، وحتى يوليو/تموز 2013)، وتشكيل حكومة مؤقتة، وإجراء انتخابات مبكرة”.
وأضاف، “مرسي وافق على هذه الطلبات، وأبلغ السيسي، وقنديل بذلك، لكن السيسي، وقادة المجلس العسكري، بالاتفاق مع أمريكا، وإسرائيل، ودول خليجية، كانت لديهم نية مبيتة للانقلاب، ونفذوها بالفعل”.
وعندما سألنا عبد الغفار، عن مرور عامين على فض اعتصامي رابعة والنهضة، والوضع على ما هو عليه دون تغيير، رغم أن خطاب قيادات الاعتصام ساعتها، كان يوحي بقرب عودة مرسي للحكم، قال عبد الغفار،” في ظل وجود أنظمة ديمقراطية حقيقية، الاعتصام كان لابد أن يسفر عن شيء، لكن ما حدث هو أن المجتمع الدولي تواطئ على الديمقراطية في مصر، بغرض إبعاد الإسلاميين عن الحكم”.
وتابع عبد الغفار،”موقف الغرب من الانقلاب في مصر، كان عكس موقفهم مما حدث مثًلا في أوكرانيا، عندما اعتصم الأوكرانيون لاسقاط الرئيس، ورفعوا السلاح في وجه الدولة، وبمجرد سقوط 46 قتيل من المعتصمين قامت الدنيا ولم تقعد، وتدخلت أوروبا وأمريكا وساندت المعتصمين، لكن في مصر سقط مئات الشهداء، فساندوا القاتل ووقفوا معه”.
وعن صحة ما تردد عن وجود مبادرات صلح ووساطة بين النظام الحاكم والإخوان قال عبد الغفار، “الناس تحدثوا عن وجود مبادرة من راشد الغنوشي (زعيم حركة النهضة التونسية)، وأنا شخصيًا قابلته رمضان الماضي، وسألته عن حقيقة وجود مبادرة، فنفى صحة ذلك”.
كان الغنوشي قال في مقابلة خاصة مع الأناضول مطلع يونيو/حزيران الماضي، “إذا قدرت الأطراف المعنية بالشأن المصري أننا يمكن أن نقوم بدور(للمصالحة بين الأطراف المصرية) فإننا سنكون سعداء بذلك”.
وتابع عبد الغفار قائًلا، “يوسف ندا، عرض شيئًا لم يفهمه أحد، وأنا شخصيًا لا أعتبر ما قدمه ندا، مبادرة”.
كان ندا، المفوض السابق للعلاقات الدولية في جماعة الإخوان المسلمين، (يقيم في سويسرا)، قد وجه رسالة عبر وكالة الأناضول، مطلع يونيو/حزيران الماضي كشف فيها عن استعداده “لاستقبال من يريد الخير لمصر وشعبها”، دون أن يذكر أنها بغرض الوساطة أو المصالحة لإزالة حالة الاحتقان بين الجماعة والسلطة القائمة في مصر.
أما الحديث عن وجود مبادرة قطرية، فقال عبد الغفار،”سمعت عنها من وسائل الإعلام، لكن لا أظن أن السيسي لديه استعداد لقبول أي مبادرة تنقص من سطوته ونشوته بالحكم، فهو لا يشعر بألم المواطن البسيط، الذي يبيع له الوهم مرة بالحديث عن اكتشافه علاجًا لفيروس سي، والإيدز، وتارة بالترويج لبناءه مليون وحدة سكنية، وأخيرًا بمهرجان افتتاح تفريعة قناة السويس”.
وأقر عبد الغفار، بوجود خلافات بين قيادات الإخوان، مطالبًا الجميع بإعلاء المصلحة العامة على أي شيء آخر مضيفًا، “أنا وغيري نسعى لمحاولة تقريب وجهات النظر بين الفرقاء، لا يوجد طرف كله خطأ، أو كله صواب، الإخوان أكبر منظمة مجتمع مدني في العالم، وليس سهًلا أن يقبل أي مخلص أن تنقسم، فالإخوان فكرة قبل أن تكون تنظيم موجود في أكثر من 80 دولة، لذلك أدعو قيادات الجماعة أن تعود لرشدها، وتدرك حجم الخطر، وتكون على قدر المسؤولية، وتصل لصيغة توافقية ترضي جميع الأطراف”.
وفي أواخر مايو/أيار الماضي، نشب خلاف كبير داخل قيادة جماعة الإخوان العليا، حول مسار مواجهة السلطات الحالية في مصر.
الاناضول