حرائقك التي تنطفئ كلَّما تقدَّمت في الكتابة، لا بدَّ أن تجمع رمادها صفحة صفحة، وترسله إلى موتاك بالبريد المسجّل، فليس هنالك وسيلة أكثر ضمانًا من كتاب.
تعلَّم إذّا أن تقضي سنوات في إنجاز حفنة من رماد الكلمات، لمتعة رمي كتاب إلى البحر، كما ترمي الورود لجثث الغرقى.
بكلّ حفاوة، عليك أن تبعثر في البحر رماد من أحببت، غير مهتمّ بكون البحر لا يؤتمن على رسالة، تمامًا كما القارئ لا يؤتمن على الكتاب.
فكتابة رواية تشبه وضع رسالة في زجاجة وإلقائها في البحر. وقد تقع في أيدي أصدقاء أو أعداء غير متوقّعين. يقول غراهام غرين، ناسيًا أن يضيف أنّه في أغلب الظنّ ستصطدم بجثث كانت لعشّاق لنا يقبعون في قعر محيط النسيان. بعد أن غرقوا مربوطين إلى صخرة جبروتهم وأنانيّتهم. ما كان لنا إلّا أن نشغل أيدينا بكتابة رواية، حتّى لا تمتدّ إلى حتف إنقاذهم. بإمكانهم بعد ذلك، أن يباهوا بأنّهم المعنيّون برفات حبٍّ محنّطٍ في كتاب.
[من رواية “عابر سرير”]