الشحم ده… السوداني ما بتغشّ

تحت هذا العنوان نشرت يومية الـ(إندبندنت) البريطانية في عددها الصادر أول امس دراسة (صحية) بعنوان (50 عاما من التحذير من مخاطر الدهون اتضح أنها كانت تضليلاً). تقول الدراسة إن الدهون المشبعة التي توجد في اللحوم والطيور والألبان والزبد غير ضارة بالصحة وليست لها علاقة بزيادة معدلات الوفاة أو الإصابة بأمراض القلب أو زيادة معدلات الإصابة بمرض السكري. لكن ذات الدراسة حذرت من أخطار استخدام الزيوت المهدرجة المصنعة “السمن النباتي” الذي يستخدم في المنازل للطهي وفي تصنيع بعض المقرمشات والبطاطس وأنواع من الكيك لما لذلك من أضرار في رفع معدلات الإصابة بأمراض القلب والوفيات بها.
قالت (إندبندنت) إن الدراسة الجديدة التي أجراها فريق علمي من جامعة ماكماستر في أونتاريو في كندا بقيادة الدكتور راسيل دي سوزا، وتم نشرها في دورية “بريتيش ميديكال جورنال” “الدورية الطبية البريطانية” وأوضحت أن التحذيرات الصحية الشهيرة والتي عرفها الناس طوال الخمسين عاما الماضية من مخاطر تناول الأطعمة التي تحوي دهونا مشبعة مثل الزبد والبيض والأجبان ربما كانت مخادعة.
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أنه رغم عدم التوصل لوجود علاقة بين تناول الدهون المشبعة ومخاطر صحية إلا أن الدكتور (دي سوزا) حذر من الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بهذه الدهون مضيفا أن هذه الدراسة لا تنصح أبدا بزيادة معدلات تناول الأطعمة الغنية بالدهون المشبعة لكن في نفس الوقت لم تجد ضررا يترتب على تناولها.
على كل، فإن مثل تلك الدراسات التي تحذر من تناول الأطعمة المشبعة الدهون والسكر الاصطناعي وبقية أنواع الأطعمة، لا يأبه لها السودانيون ولا يعيرونها اهتماماً، وحينما توقف (الخواجات) عن تنازل اللحم الشحيم، كانت جماهير الشعب السوداني تمضغ الشحم حتى يسيل من أطراف أفواهها ولا تتردد لحظة في أكل (الربيت ـ الشحم المقلي والمجفف والمحمر)، بل أكثر من ذلك يتفاخر السوداني بأنه (اتربي باللحم والسمن) ويقول لك أسلافك (الكبار) بكل فخر واعتزاز وهم يجترون ذكرياتهم الطعامية: (يا حليل زمان، علي الطلاق كنت بشرب كباية سمن على الريق الصباح، وكباية عسل قبل النوم). لذلك فإن مثل تلك الدراسات لا تجد في الغالب صدى لدينا، إلى حد أننا وعندما كان (الخواجات) يقاطعون الشحوم واللحوم الدهينة ويعتبرونها غير صحية وتتسبب في أمراض كثيرة، كنا ونحن نردد بمرح خلف المغنية (الشعبية): “الشحم ده واللحم ده” نبدو وكأننا (نكاويهم)، فمثل هذه الدراسات (المهببة) ما بتمشي علينا (والسوداني ما بتغش).

Exit mobile version