> رحل عن دنيانا الفانية الى دار البقاء والخلود إثر علة لم تمهله طويلاً المغفور له بإذن الله الأستاذ داؤود مصطفى بعد أكثر من ثلاثة عقود من العطاء المهني المتميز الذي خلده في تاريخ الصحافة الرياضية كواحد من رموز الكتابة الجادة والموضوعية بما يطرحه من آراء ورؤى وأفكار لمعالجة القضايا الرياضية بعيداً عن أية عصبية أو انحياز لأية جهة حتى لو كان الهلال الذي يكتب عنه بالحق والمنطق رغم أن حبه قد امتلك قلبه ووجدانه وكل ذرة من مشاعره واحساسه.. > عرفت داؤود -عليه الرحمة- في فترة الديمقراطية الثالثة عندما كنا نصدر صحيفة (صوت الشارع) من المكتب رقم 8 بعمارة ابوالعلاء القديمة وكان هو يعمل بجريدة (الهدف) في مجال التصميم وتوطدت الصلات بيننا بزياراته المتكررة لنا للتحدث في شؤون الهلال الذي يضع استقراره ووحدة جماهيره وانتصاراته فوق كل اعتبار دون أن ينشغل بصراعات النادي الادارية أو خلافاته الإعلامية التي يعتبرها قضايا انصرافية لن يستفيد منها الهلال شيئاً بقدر ما تلحق به أبلغ الضرر.. > ثم عملنا معاً في صحيفة (الكابتن) التي شغل فيها منصب مدير التحرير في واحدة من أزهى فتراتها وأكثرها تطوراً حيث كان بمثابة الدينمو المحرك للصحيفة بإشرافه على كل كبيرة وصغيرة، بجانب تزيين الكابتن بصفحتي منوعات يعالج فيها القضايا الرياضية والفنية والاجتماعية والمهنية بآراء ناضجة واسلوب رائع ومفردات ندية تعبر عن دواخل عامرة بالتفاؤل في غد أكثر إشراقاً وتطوراً وازدهاراً.. > كان داؤود عنواناً للشرف والأمانة والنزاهة بعفة نفسه ونظافة قلمه الذي لم يتاجر به يوماً أو يوظفه لتحقيق مصالح خاصة، بل كان يكتب من أجل الحق والحقيقة، فعاش فقيراً ومات غنياً بحب الناس واحترامهم لصحافي نذر حياته لخدمة المهنة وأدى دوره ورسالته نحو الرياضة والفن على أفضل ما يكون الأداء.. > كان داؤود صاحب قلب كبير يحمل الحب والخير لكل الناس لا يعرف الخصومة والعداء أو ممارسة الأحقاد والكراهية حتى ضد الذين هاجموه وأساءوا إليه لأنه كان إنساناً بسيطاً وزاهداً.. أنيق الطلة والبسمة.. متصالحاً مع نفسه ومن حوله.. رقيقاً كنسمة.. عاتياً كريح.. محقاً للحق.. شفيفاً..!! > هكذا كان الأستاذ الصحافي داؤود مصطفى يعيش بين الناس، غيمة تحميهم هجير الزيف وتقلبات النفوس والأيام، كان نبياً للتسامح، والعفة والألق. > ولأنني كنت من أشد المعجبين بأسلوب داؤود المتفرد في التعبير فقد كتبت عنه هذه الأسطر قبل أكثر من عامين من وفاته تحت عنوان (داؤود مصطفى فنان يرسم بالكلمات لوحات فنية رائعة) جاء فيها: > (استمتع جداً بقراءة المقالات التي يسطرها يراع الأخ الصديق داؤود مصطفى بزاويته أو على صفحات «الأسياد»، والحقيقة إن الأخ داؤود لا يكتب مقالاته بمداد القلم أو حروف «الكي بورد»، ولكنه يرسم بريشة فنان لوحات رائعة تعكس أضواءها قوة المنطق وظلالها عمق المعاني وأبعادها صدق المقاصد وموضوعية الطرح.. تحية للأخ داؤود الذي يرحل بنا لعوالم الأسلوب الرائع بمفرداته الأنيقة وتعبيراته الجميلة ونقده الموضوعي البعيد عن الشخصنة والتهاتر والتجريح ليؤكد أن النقد هو الساق الثانية للابداع وإن ما يكتب من هجوم وتجنٍ وجنوح نحو الإسفاف لا علاقة له بالنقد الهادف البناء)..
الانتباهة